×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

ويقُولُونَ لَهُم: مَعلُومٌ أنَّ مُشرِكي العرَب وغَيرِهِم كانُوا ينْكرُونَ المَعادَ، وقَدْ أنكرُوهُ علَى الرسول ونَاظَرُوه علَيْه، بخِلاَفِ الصِّفَات؛ فإنَّه لَم يُنكرْ شَيئًا مِنْهَا أحَدٌ مِنَ العرَب.

فعلِمَ أنَّ إقْرَارَ العقُولِ بالصِّفَات أعظَم مِن إقْرَارِها بالمَعادِ، وأنَّ إنْكار المَعاد أعظَم مِنْ إنْكار الصِّفَات،

****

وَهَذَا وَجه آخَر فِي الرَّدِّ علَى المُؤَوِّلَة للصِّفَات، وَهُوَ أنَّ العرَب فِي الجاهِليَّة كانُوا ينْكرُونَ البعثَ ويقُولُونَ:﴿أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ ١٦ أَوَ ءَابَآؤُنَا ٱلۡأَوَّلُونَ ١٧[الصافات: 16- 17]، لَكن الأَسمَاء والصِّفَات لاَ يُنكرُونَها، واليَهُود لاَ يُنْكرُون الأَسمَاء والصِّفَات؛ ولهَذَا لمَّا جاءَ الحَبر إِلىَ الرسول صلى الله عليه وسلم، وذَكر لَهُ أنَّه يَجد فِي التَّورَاةِ أنَّ اللهَ يقْبضُ السمَواتِ بيَدٍ والأرْضَ بيَدٍ، ضَحِك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لقَوْلِ الحَبرِ تصْدِيقًا لَهُ، وأنْزَلَ اللهُ عز وجل:﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ[الزمر: 67]، فَمَا فِي القُرْآنِ صَدَّقَ مَا فِي التَّورَاةِ، فاليَهُودُ لاَ ينْكرُونَ الأَسمَاء والصِّفَات، والعرَب فِي الجاهلِيَّة لاَ ينْكرُونَ الأَسمَاء والصِّفَات، وأنْتُم تنْكرُون الأَسمَاء والصِّفَات، فأنْتُم إذًا أضَلُّ مِنَ اليَهُودِ ومِنَ جاهِليَّة العرَب فِي هَذَا الباب.

إقْرَارُ العقُولِ بالصِّفَاتِ أعظَم مِنْ إقْرَارِها بالبعث، فهَذَا يَدلُّ علَى بطْلاَنِ قُوْل مُنْكري الصِّفَات مِن نَاحِيَة العقْل.

هَذَا عنْدَهم، مَع أنَّ العكس هُوَ الصَّحِيح، وَهُوَ أنَّ إنْكار الصِّفَات أعظَم مِن إنْكار البعث.


الشرح