ثُمَّ
هَؤلاَءِ يُنكرُونَ العقلِيَّات فِي هَذَا الباب بالكلِّيَّة، فَلاَ يجعلُونَ عنْد
الرسول صلى الله عليه وسلم وأُمَّته فِي باب مَعرِفَة اللهِ عز وجل لاَ علومًا
عقْلِيَّة ولاَ سمْعيَّة، وهُم قَد شَارَكوا المَلاَحِدةَ مِن وُجوهٍ مُتعدِّدَة،
وهُم مُخْطِئُونَ فيمَا نَسبوهُ إِلىَ الرسول صلى الله عليه وسلم وإلَى السلَفِ
مِن الجهْل؛ كمَا أخْطَأَ فِي ذَلِك أهْلُ التَّحْرِيفِ والتَّأوِيلاَتِ
الفَاسدَة، وسائِر أصْنَافِ المَلاَحِدَةِ.
****
حَتَّى العقلِيَّات الَّتِي يزْعمُونَ
أنَّ فِيهَا الأدلَّةُ يُنْكرُونَها أيْضًا، فالقُرآنُ جاءَ بالعقلِيَّات:﴿قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾[يونس: 101] هَذَا دَليلٌ عقليٌّ، أنْ تَنظُر فِي هَذِهِ
المَخلُوقَات، فتَستَدِلَّ بهَا علَى خَالِقهَا، وأنَّه هُوَ المُستَحِقُّ
للعبادَة، فالقُرآنُ فِيهِ أدلَّة عقليَّة، القُرآنُ مَا ألْغَى العقْل:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ﴾[محمد: 24] التَّدبر
هُو: التَّعقُّل.
المُفَوِّضَةُ شَاركوا المَلاَحِدَةَ الباطِنيَّة الَّذِينَ يقُولُونَ:
إنَّ القُرآنَ لَيْس علَى ظَاهرِه، لَهُ ظَاهرٌ ولهُ باطنٌ، هَؤلاَءِ يقُولُونَ:
ظَاهِرُه إثْباتُ الصِّفَات. والأمْرُ لَيْس كذَلِك، فَهُوَ لَيْس علَى ظَاهِرِه
عنْدَهُم.
انْتَهى رحمه الله مِنَ التَّقعيد فِي هَذِهِ المُقدِّمَة العظِيمَة،
وسينْتَقِل إِلىَ ذِكر نمَاذِج مِنْ أقْوَالِ السلَفِ فِي إثْباتِ الأَسمَاءِ
والصِّفَاتِ.
واللهُ أعلَمُ، وصَلَّى اللهُ وسلَّم علَى نبيِّنَا
مُحمَّد وآلِه وصَحْبه.
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد