فإنَّ
هؤلاءِ المُبتَدِعَةَ الَّذِينَ يُفضِّلُونَ طَريقةَ الخَلَفِ -مِنَ المُتفَلْسِفَةِ
ومَنْ حَذا حَذْوَهُم- عَلَى طريقةِ السَّلَفِ إِنَّما أَتَوْا مِن حيثُ ظَنُّوا
أنَّ طريقةَ السَّلَفِ هي مُجرَّدُ الإيمانِ بألفاظِ القرآنِ والحديثِ، ومِن غيرِ فِقْهٍ
لذلكَ، بِمَنزلةِ الأُمِّيِّينَ الَّذِينَ قالَ فيهم:﴿وَمِنۡهُمۡ
أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ﴾ [البقرة:
78]،
****
ما كانُوا يُبدِّعُونَ،
ويُكفِّرُونَ، ويُفسِّقُونَ إِلاَّ بِدليلٍ مِنَ القرآنِ، لا بالهَوَى أو الجهلِ.
فإذا أردتَ أنْ تَكُونَ سَلَفِيًّا حقًّا، فعَلَيْكَ أن تَدرُسَ مَذهَبَ السَّلَفِ
بإتقانٍ، وتَعرِفَهُ بِبَصيرةٍ، ثُمَّ تعملُ به مِن غَيرِ غُلُوٍّ ومِن غَيرِ
تَساهُلٍ، هذا هو منهجُ السَّلَفِ الصَّحِيحُ، أمَّا مُجرَّدُ الادِّعاءِ
والانتسابِ مِن غيرِ حقيقةٍ، فهذا يَضُرُّ ولا ينفعُ.
هذا بَيانٌ لفَسادِ قَولِهِم بِبَيانِ فَسادِ أَصْلِهِم الَّذِي بَنَوْا عليهِ
مَقالَتَهُم الضالَّةَ، وهو تَجهِيلُ السَّلَف، ومَدحُ الخَلَفِ، وهل السَّلَفُ
كما قالَ هؤلاء؟! حاشا وكلاَّ. السَّلَفُ يؤمنونَ بالألفاظِ، ويُؤمنونَ بالمعانِي
عَلَى وَجْهِهَا الصَّحِيحِ، وَيعتَقِدُونَها، ويُفسِّرُونَها عَلَى الوجهِ الصَّحِيحِ.
والمرادُ بالمُتفَلسِفَةِ: فلاسفةُ اليُونانِ الَّذِينَ أَخذَ هؤلاءِ الخَلَفُ مَذهَبَهُم، وسارُوا عَلَى مَنهَجِهِم، هل هؤلاءِ الفلاسفةُ يُقاسُونَ بأبي بكرٍ وَعُمَرَ وعُثمانَ وعليٍّ، والصَّحابةِ، والمُهاجِرينَ والأنصارِ؟! أو يُقاسُونَ بالتَّابِعينَ، وأتباعِ التَّابِعينَ، والقُرونِ المُفضَّلَةِ؟ وهم ليسَ عندهم إلاَّ عِلْمُ الفلسفةِ، وعِلْمُ المَنطقِ، وعِلْمُ الجَدَلِ الَّذِي جاءَ مِن فلاسفةِ اليُونانِ، أمَّا السَّلَف فإِنَّما أخذوا عن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وأَخذُوا بالكتابِ والسُّنَّةِ، وأينَ مَنْ يأخُذُ بالكتابِ والسُّنَّةِ مِمَّنْ أخذَ بعِلْمِ المنطقِ والجَدلِ،
الصفحة 1 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد