وعِلْمِ الكلامِ الَّذِي
جاءَ مِنْ فَلاسِفَةِ اليونانِ الكَفَرَةِ الجَهَلَةِ بالشَّرعِ؟! وظَنُّوا أنَّ
السَّلَفَ«بِمَنزِلَهِ الأُمِّيِّينَ» مِن أهلِ الكتابِ مِنَ اليَهُودِ
الَّذِينَ قالَ اللهُ فيهم:﴿ وَمِنۡهُمۡ﴾ أي: مِنَ اليَهُودِ﴿أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ
ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: 78] أي: مُجرَّدَ تلاوةٍ للألفاظٍ مِن غيْرِ
فِقْهٍ فِي المعانِي، فأهلُ الكتابِ فِيهِم صِنْفٌ مِن هذا النَّوعِ.
ثم يُبَيِّنُ الشَّيخُ رحمه الله السَّببَ الَّذِي مِن أجْلِه فَضَّلَ هؤلاءِ الخَلَفَ عَلَى السَّلَفِ، فإِنَّهُم إِنَّما أُوتُوا بِسَبَبِ تَوهُمِهِم أنَّ الخَلَفَ اطَّلَعُوا عَلَى أشياءَ لم يَطَّلِعْ عليها السَّلَفُ، فالسَّلَفُ يَقرؤُونَ القرآنَ، ولا يَفهمونَ مَعناهُ، والخَلَفُ يَفهمُونَ مَعناهُ، ثُمَّ مَن هُمُ السَّلَفُ، ومَنْ هُمُ الخَلَفُ المَقصُودُونَ فِي هذا؟ السَّلَفُ هُم صَحابةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، والتَّابِعُونَ، وأتباعُ التَّابِعينَ، وهم أَفضَلُ قرونِ الأُمَّةِ عِلْمًا وعَملاً واعتقادًا. والأُمَّةُ إِنَّما تأخُذُ عَنهُم العِلْمَ والدِّينَ؛ لأنَّهُم هُم الواسطةُ بينَ الأُمَّةِ وبينَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وأمَّا الخَلَفُ المذمومُ، فالمرادُ بِهم: عُلَماءُ الكلامِ، وعُلَماءُ المنطقِ الَّذِين عِلْمُهُم عَن المُتفَلْسِفَةِ، فهل يُسَوَّى هؤلاءِ بأولئكَ؟ مَن أخَذَ عِلمَهُ عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وصحابةُ الرَّسُولِ هَلْ يُسَوَّى بِمَنْ أخذَ عِلْمَهُ عَنِ الفلاسفةِ، وعُلَماءِ المنطقِ اليُونانِيّ الَّذِي لا خيرَ فِيه، ولا فائدةَ مِنه؟ وسيأتي أَنَّ أكابِرَهُم نَدِمُوا عَلَى طريقتِهم هذه.
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد