إلى
أمْثَال ذَلِكَ ممَّا لا يُحْصِيه إلاَّ الله، ممَّا هو مِنْ أبْلَغ
المُتَوَاتِرَاتِ اللَّفظِيَّة والمعنَوِيَّة، الَّتي تُوَرِّثُ عِلْمًا يَقِينًا
من أبلَغِ العُلُومِ الضَّرورِيَّة أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم المُبلِّغ
عن الله ألْقَى إلى أمَّته المدْعُوِّينَ: أنَّ الله سبْحَانَه فوْقَ العرْشِ
وأنَّه فوْقَ السَّمَاء؛ كما فطَرَ الله عَلَى ذَلِكَ جَمِيعَ الأُمَمِ عرَبَهُم
وعجَمَهُم، في الجاهِليَّةِ والإسْلاَم، إلاَّ مَنِ اجْتَالَتْهُ الشَّياطِينُ عنْ
فِطْرَتِهِ.
****
فهَذَا لم يأكُلْ من الطَّيِّباتِ، وإنَّما أكَلَ من الحَرَامِ، فلاَ
يُقبَل دُعاؤُه، وفي الحَدِيثِ دليلٌ عَلَى علوِّ الله عَلَى خلْقِه في قولِهِ: «يَمُدُّ
يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ» أيْ: إِلَى اللهِ.
العُلُومُ الضَّرورِيَّة هي الَّتي لا يُمْكِن إنْكَارُها.
والمُتوَاتِر اللَّفظِيُّ: مَا يرْوِيهِ جمَاعَةٌ عن جمَاعَةٍ من بدَايَةِ
السَّنَد إلى نهَايَتِه، يسْتَحِيل تَواطُؤهُم عَلَى الكَذِب.
والمُتَوَاترُ المعْنَويُّ: هو حَدِيثُ الآحَادِ الَّذي تكَاثَرَتْ طرُقُه،
وتَعدَّدتْ روَايَاتُه، حتَّى صَارَ مدْلُولُه مُتَيقَّنًا.
الفِطْرَة هي: ما خَلَقَ اللهُ عَلَيْه الخَلْقَ مِنْ مَعْرِفَتِه والإقْرَارِ بوَحْدَانِيَّتِه إلاَّ من أفْسَدَت فطْرَتُه الشَّياطِينُ؛ قالَ صلى الله عليه وسلم: «وَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([1])، أي: كلُّ مولُودٍ يُولَد عَلَى الإسْلاَم، وقَالَ تعَالَى:﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الروم: 30].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد