×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

ومُحالٌ معَ تَعلِيمِهِم كُلَّ شَيْءٍ لَهُم فيهِ مَنفعَةٌ فِي الدِّينِ -وإنْ دَقَّتْ- أنْ يَترُكَ تَعلِيمَهُم ما يَقُولُونَهُ بألْسِنَتهِم، ويَعتَقِدُونَه بِقُلُوبِهم فِي رَبِّهِم ومَعْبُودِهم رَبِّ العالمينَ،

****

أي: مُستحيلٌ أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ أُمَّتَهُ كُلَّ شيءٍ لهم فيهِ مَصلحَةٌ فِي دينِهم. كما اعترفَ بذلك أصحابُه أنْ يَترُكَ بابَ التَّوحِيدِ والعقيدةِ، لَم يُبيِّنْهُ لَهُم، مع أنَّهُ هو الأصلُ، وهو الأساسُ، وهو الذي بُعِثَتِ الرُّسُلُ كُلُّهُم ببيانِه والدَّعوةِ إليهِ، فهذا رَدٌّ عَلَى الذينَ يَقُولونَ: إِنَّ الآياتِ والأحاديثَ المُتعلِّقَةَ بالأسماءِ والصِّفاتِ ليستْ عَلَى ظاهرِها، بلْ لها معنًى آخَرُ لم يُبيِّنْهُ الرَّسُولُ، فيقولُ الشَّيخُ لهم: هذا مُحالٌ أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم لم يُبيِّنْ هذا الشَّيءَ الذي هو أصلُ الدِّينِ، ومُحالٌ أنْ يَسكُتَ الصَّحابَةُ، ولم يَنقُلُوا هذا البيانَ للنَّاسِ؛ فلا يَخلُوا قولُ المخالفينَ هذا مِن أحَدِ أمريْنِ:

إمَّا أن الرَّسُولَ كتَمَ الحَقَّ، ولم يُبيِّنْ، وهذا كُفْرٌ؛ لأنَّهُ اتِّهامٌ للرسولِ صلى الله عليه وسلم.

أو أنَّهُ بَيَّنَهُ، ولكِنَّ الصَّحابَةَ كَتمُوهُ، ولَم يُبَيِّنُوهُ، وهذا اتِّهامٌ للصَّحابَةِ أنَّهُم كَتمُوا الحقَّ، ولم يَنقُلُوهُ للنَّاسِ، فمُحالٌ«أنْ يَترُكَ» الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بيانَ ما يجبُ عَلَى النَّاسِ أنْ يَقُولُوه«بِألسِنَتهِم»: من الإقرارِ بتوحيدِ اللهِ وأسمائِه وصفاتِه، والنُّطْقِ بذلكَ، والاعترافِ به ظاهرًا، مع الاعتقادِ بالقلْبِ بما يقُولُونَه بألسنتِهِم، وهذا فيه دليلٌ عَلَى أنَّ العقيدةَ لا بُدَّ فيها مِن الأمريْنِ: لا بُدَّ فيها من الاعتقادِ الصَّحيحِ، ولا بُدَّ فيها مِن النُّطْقِ والاعترافِ عَلَنًا، والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ لهم الأمريْنِ:


الشرح