×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

مِنْ أَنَّ اللهَ مُستوٍ علَى عرْشِه استِوَاءً يَلِيقُ بجلاَلِه ويخْتَصُّ بهِ، فكمَا أنَّه مَوصُوف بأنَّه بكلِّ شَيْء علِيم، وعلَى كلِّ شَيْء قَدِير، وأنَّه سمِيع بصِير ونَحْو ذَلِك، ولاَ يَجوزُ أنْ يَثْبتَ للعلْم والقُدْرَة خصَائِصُ الأعرَاضِ الَّتِي كعلْمِ المَخْلُوقِين وقُدْرَتِهم، فكذَلِك هُوَ سبحَانَهُ فَوْق العرْش ولاَ يَثْبتُ لفوقِيَّتِه خَصَائِص فَوْقِيَّة المَخْلُوق علَى المَخْلُوق ومَلزُومَاتِها.

واعلَم أنْ لَيْس فِي العقْلِ الصَّرِيحِ، ولاَ فِي النَّقْلِ الصَّحِيحِ مَا يُوجب مُخالَفَة الطَّريقَة السلَفيَّة أَصْلاً،

****

 فَهُوَ سبحانه وتعالى ﴿ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ [يونس: 3]، واستِوَاؤُه علَى العرْش يقْتَضِي أنَّه فَوْقَ العرْشِ؛ لأنَّ «علَى» تَدلُّ علَى الفَوْقِيَّة، فقَوْلُه: ﴿ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖيَعنِي: فَوْقَ العرْش، وهَلْ كوْنُه فَوْقَ العرْش مِثْل كوْن المَخْلُوق فَوْقَ السرِيرِ، أَوْ فَوْقَ السطْح؟ ليْس كذَلِك؛ لأنَّ المَخْلُوقَ مُحْتَاج إِلىَ مَا تَحْتَه ليحْمِلَهُ، فَلاَ يُقَاس اللهُ عز وجل بخَلْقِه أبدًا؛ فاستِوَاؤُه وعلْمُه وقُدْرَتُه وذَاتُه وأسمَاؤُه وصِفَاتُه خَاصَّةٌ بهِ لائِقَة بهِ سبحانه وتعالى، لاَ تَشَابهَ بيْنَها وبيْن صِفَات وأَسمَاء المَخْلُوقِين وخَصَائِصِهَا ولَوَازِمِهَا.

العقْلُ الصَّرِيحُ هُو: العقْل السالِم مِنَ الشُّكوك والأَوْهَامِ.

النَّقلُ الصَّحيحُ هُو: الَّذِي جاءَ بهِ القُرْآنُ أَوِ السنَّة الصَّحيحَة، لَيْس فِيهِمَا مَا يُخالِفُ طَريقَة السلَف أَبدًا، بلْ طَرِيقَة السلَف تُوافِقُ العقْل الصَّريحَ والنَّقلَ الصَّحيحَ. أمَّا هَؤلاَءِ الضُلاَّل فإنَّهم مُخالِفُونَ للنَّقلِ الصَّحيحِ وللعقْل الصَّريحِ.

فإنِ اخْتَلَفا، فإمَّا أنَّ العقْل غَيْر صَرِيح، وإمَّا أنَّ النَّقْل غَيْر صَحِيح.


الشرح