×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

الَّذِي مَعرِفَتُه غايةُ المَعارِفِ، وَعِبادَتُهُ أَشْرَفُ المَقاصدِ، والوصولُ إليهِ غايةُ المَطالِبِ،

****

 بَيَّنَ لهم ما يَعتقدُونَه، وبيَّنَ لهم ما يَقُولُونَهُ بألسنتِهم! من الثَّناءِ عَلَى اللهِ، والإقرارِ بتوحِيدِ اللهِ عز وجل، وهؤلاءِ الَّذينَ يَتَّهِمُونَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم، ويَتَّهِمُونَ الصَّحابةَ، وعَلَى النقيضِ مِن هؤلاء ناسٌ فِي وَقْتِنا الحاضرِ يَقولُونَ: إنَّ أمْرَ التّوحيدِ سَهلٌ، المُسلمونَ كُلُّهُم يَعرفُونَهُ بِدُونِ أنْ يُبَيَّنَ لَهُم، ويَدرُسُونَهُ، ويَتهاوَنُونَ فِي أمْرِ العقيدةِ، ويُنكِرُونَ عَلَى الَّذِي يَهتمُّ بالعقيدةِ، ويُدرِّسُها للنَّاسِ، وَيُبيِّنُها، ويقولونَ له: أنتَ تَتَّهِمُ النَّاسَ، وأنتَ تُفرِّقُ بينَ النَّاسِ، وأنتَ، وأنتَ... إِلَى آخره.

مَعرفةُ التَّوحيدِ بالقُلُوبِ غايَةُ المَعارِفِ، فإذا لم تَعرِفْ رَبَّكَ فَماذا تَعْرِفْ إذًا؟! لا يُمكِنُ للمُسلمِ أنْ يَجهلَ رَبَّهُ، ومِن الجَهْلِ بالرَّبِّ أنْ يَجهَلَ أَسماءَهُ وصِفاتِهِ، وما تَعرَّفَ به إِلَى خَلْقِهِ فِي كِتابِهِ وفِي سُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ أيضًا المعرفةُ لا تكفِي؛ فلا بُدَّ مِنَ العبادةِ. فالَّذِي يَعرِفُ اللهَ لا بُدَّ أنْ يَعبُدَهُ. أمَّا إنَّهُ يقولُ: أنا عارِفٌ -كما تقولُه الصُّوفِيَّةُ- وأنَّ الإنسانَ إذا عَرَفَ رَبَّهُ لا يحتاجُ أنْ يَشتغِلَ بالعبادةِ؛ لأنَّهُ وصلَ إِلَى اللهِ بِزَعمِهِمْ؟ هذا باطلٌ؛ فلا بُدَّ مِنَ الأمرينِ: لا بُدَّ مِن معرفةِ الله عز وجل، وليسَ مَعْنَى معرفةِ اللهِ أن تَعرِفَ ذاتَهُ، بل تَعرِفَ أسماءَهُ وصِفاتِهِ. أمَّا ذاتُ الرَّبِّ سبحانه وتعالى، فلا يَعلَمُها إلاَّ هو. وكيفِيَّةُ الأسماءِ والصِّفات لا يعلَمُها إِلا اللهُ، لكن نحنُ علينا أنْ نَعرِفَهُ بالأسماءِ والصِّفات الثَّابِتَة، بأنْ نَعرِفَ مَعانِيها، ونَتعبَّدَ للهِ بها، دُونَ أنْ نَبحَثَ فِي كَيفِيَّتِها أو فِي ذاتِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى، فهذا لا يُمكن الوصولُ إليهِ أبدًا، هذا لا يَعلَمُه إِلاَّ اللهُ عز وجل:﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا [طه: 110] لا يُحيطُونَ بالرَّبِّ سبحانه وتعالى عِلْمًا.


الشرح