وأنزلَ
معَهُ الكِتابَ بالحَقِّ ليَحْكُمَ بينَ النَّاسِ فيما اختَلَفوا فيه، وأمَرَ
النَّاسَ أنْ يردُّوا ما تَنازَعوا فيه مِن دِينِهم إلى ما بُعِثَ به منَ الكِتابِ
والحِكمةِ،
****
من صفاتِ الرَّسولِ أنَّه يَحْكُمُ بينَ النَّاسِ فيما اختَلَفُوا فيه، يَحكمُ بينهم بالكِتابِ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ﴾ [المائدة: 49]،﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ﴾ [النساء: 105]، فهو يَحكُمُ بينَ النَّاسِ فيما اختَلَفوا فيه، ومِن أعْظَمِ ما حصَلَ الاختِلافُ فيه مسألةُ الأسماءِ والصِّفاتِ، فهو حَكَمَ بينَ النَّاسِ، وبيَّنَ أنَّ هذه الأسماءَ والصِّفاتِ ثابتَةٌ للهِ عز وجل على حَقيقَتِها، وحُكْمُه هو الحقُّ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59] إن تنازعتم في شَيءٍ،«شيء» كلمةٌ نكرةٌ في سياقِ الشَّرطِ، نَعم كلُّ نِزاعٍ كبيرًا كانَ أو صغيرًا، وأعظَمُ ما وقَعَ فيه النِّزاعُ مسألةُ العَقيدةِ، فيَجبُ أنْ يُرَدَّ الحُكْمُ فيها إلى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، ولا يُرَدُّ الحُكْمُ فيها إلى قواعدِ المَنطِقِ وعِلمِ الكلامِ وأفهامِ النَّاسِ، فالَّذين يُقصِرُون الحُكمَ بالشَّريعةِ على مَسألةِ المُنازَعاتِ في الأموالِ والخُصوماتِ، ويُهْمِلُون جانبَ العَقيدةِ، ولا يُحَكِّمونَ الكِتابَ والسُّنَّةَ بالعقيدةِ هؤلاءِ ليسُوا على شَيءٍ، تَركُوا الأصْلَ وأخذوا الفَرعَ، فأهمُّ شيءٍ يَجبُ التًّحاكُمُ فيه إلى الكتابِ والسُّنَّةِ أمْرُ العقيدةِ، إذا اختَلَفْنا في العقيدةِ، نَرجِعُ إلى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، وإذا اختَلَفْنا في الأسماءِ والصِّفاتِ، نَرجعُ إلى كتابِ اللهِ وسنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وإذا اختَلَفْنا في أُمورِ العِبادةِ، نَرجِعُ إلى كتابِ اللهِ، فإن كانتْ هذه العبادةُ في كتابِ اللهِ أو سنَّةِ رسولِ اللهِ، فهي صحيحةٌ،
الصفحة 1 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد