ولا يَجُوزُ
أيضًا أنْ يَكُونَ الخالِفُونَ أَعلَمُ مِنَ السَّالِفِينَ، كما يقولُه بَعضُ الأغبياءِ
مِمَّنْ لَم يُقَدِر قَدْرَ السَّلَفِ، بلْ ولا عَرَفَ اللهَ ورَسُولَهُ
والمُؤمِنينَ بهِ حَقِيقةَ المَعرفَةِ المأمورِ بها مِن أنَّ «طَريقةَ السَّلَفِ
أَسْلَمُ، وطريقةَ الخَلَفِ أَعْلَمُ وأَحْكَمُ».
****
هذهِ مسألةُ المُقارنَةِ بينَ عِلمِ السَّلَف وعِلْمِ الخَلَفِ: هل السَّلَفُ أعْلَمُ مِن الخَلَفِ؟ أو الخَلَفُ أعْلَمُ مِنَ السَّلَفِ؟ هذا تَكلَّمَ عنهُ الشَّيخُ رحمه الله فِي هذه الفَتْوَى، وتَكلَّمَ عنهُ الإمامُ الحافظُ ابنُ رجب فِي رسالةٍ مُطوَّلَةٍ سَمَّاها:«فَضْل عِلْمِ السَّلَف عَلَى عِلْمِ الخَلَف» ([1]) وكَتبَ فيها غيْرُ واحدٍ، وهيَ مَسألةٌ مُهِمَّةُ جِدًّا؛ لأنَّ هناك مَن يَدَّعِي أنَّ الخَلَف أَعْلَم مِن السَّلَفِ، وأنَّ السَّلَفَ مُجرَّدُ عُبَّادٍ ومُجرَّدُ أهلِ خَيْرٍ، لكنَّهُم ما بَحثُوا فِي العِلْمِ، وتَوسَّعُوا فيهِ -كما تَوسَّعَ فيه الخَلَفُ-، أمَّا الخَلَفُ فقد بَسطُوا المسائِلَ، واستدَلُّوا، وأَتَوْا بعِلْمِ المَنطِقِ، وعِلْمِ الكلامِ وعِلْمِ الجَدَلِ؛ فهُم أَعْلَمُ مِنَ السَّلَفِ فِي هذا البابِ، والشَّيخُ سَيَرُدُّ عَلَى هذا الرأيِ -كما رَدَّ عليْهِ غَيْرُهُ- لأنَّ هذا ضلالٌ وتَضليلٌ للسَّلفِ، وتجهيلٌ لَهُم، ولا تَزالُ هَذه الفِكرَةُ مَوجُودَةً الآنَ فِي ناسٍ يُجَهِّلُونَ العُلَماءَ، ويَدَّعُونَ أنَّهُم لا يَعرِفُونَ شيئًا، ولا يَعرِفُونَ فِقْهَ الواقعِ، ولا يَدرُونَ ما النَّاسُ عليهِ؛ ولا يَعرفُونَ أمُورَ السِّياسَةِ، وأنَّ الكُتَّابَ والمُثقَّفِينَ والمُفكِّرينَ هم الَّذِين عَرفُوا هذه الأشياءَ، وأَلَمُّوا بِها، ويُفضِّلُونَ المُثَقَّفِينَ عَلَى العُلَماءِ، فَكُلُّ قَوْمٍ لَهُم وارِثٌ.
الصفحة 1 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد