فَلِغَبائِهِم يقولونَ: إنَّ طريقةَ السَّلَفِ أسْلَمُ، وطريقةَ الخَلَفِ
أَعْلَم وأحْكَمُ، وهذا تناقضٌ، فالسلامةُ لا تكون إِلاَّ مع العِلْمِ، ولا تكونُ
السَّلامةُ مع الجَهلِ، ثُمَّ هل يُمكِنُ أن يكونَ الخَلَفُ أَعْلَمَ مِن السَّلَفِ
الَّذِين تعلَّمُوا عَلَى يَدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وتَعلَّمُوا عَلَى
الصَّحابةِ؟! هل مِن المُمكِن أن تكونَ القُرونُ المُتخلِّفَة الَّتِي جاءتْ مِن
بَعدُ أَعْلَم مِنَ السَّلَفِ؟!! والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «خَيْرُكُمْ
قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([1]) قالَ
عِمرانُ: لا أدرِي أَذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ قَرْنِه قَرْنَيْنِ
أو ثلاثةً. قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا
يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ،
وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ» ([2])، إِلَى غيرِ
ذلك فالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أخبرَ أنَّ مَنْ يأتِي بعدَ القُرونِ
المُفضَّلةِ أنَّهم خُلُوفٌ ([3]): جمع«خَلْف»
بإسكانِ اللاَّمِ، والخَلْفُ مَذمُوم قال تَعالى:﴿فَخَلَفَ
مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ﴾ [مريم: 59] وأنَّهُم يَحدُثُ فيهم مِنَ الأهواءِ
والجَهْلِ والكَذِبِ الشَّيْءُ الكثيرُ، وهؤلاءِ يَعكِسُونَ، ويقولونَ: الخَلَفُ
أَحْسَنُ مِنَ السَّلَفِ وأَعْلَمُ.
الَّذِي يقولُ: إنَّ الخَلَفَ أَعْلَمُ مِن السَّلَفِ. ما عَرَفَ اللهَ عز وجل، ولا عَرَفَ رَسولَهُ حَقَّ المَعرفَةِ؛ ولِذلِكَ تَجرَّأَ، وقالَ هذه المقالةَ، وهو لا يَعرِفُ السَّلَفَ حَقَّ المعرفةِ؛ ولذلكَ تَجرَّأَ، وقالَ هذه المقالةَ الشَّنِيعَةَ، ومَعنى قولِه:«طريقةُ السَّلَفِ أَسْلَمُ»؛ لأنَّهُم ما دَخلُوا فِي التَّأويلِ
([1])أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد