والبَحثِ، وإِنَّما
أَمسكُوا، وظَنُّوا أنَّ السَّلَفَ مُجرَّدُ مُفَوِّضَة، يُؤمِنونَ بالألفاظِ فقط،
ولا يَعرفُونَ مَعناها، ولا يُفسِّرُونَها؛ فلذلِكَ سَلِمُوا من الخطأ، أمَّا
الخَلَفُ فهم بَسطُوا المسائِلَ، وبَحثُوا فيها، فَهم توصَّلُوا إِلَى معرفةِ
معانيها الَّتِي كان السَّلَفُ يَجهلُونَها، فصارُوا أَعْلَمَ مِنَ السَّلَفِ
وأَحْكَمَ. يعني: أَتْقَن وهذا قولٌ باطلٌ؛ لأنَّهُ لا شَكَّ أنَّ السَّلَفَ هم
الَّذِين اعتَنَوْا بالنُّصوصِ، وهم الَّذِين عرَفُوها، وهم الَّذِين يُرجَعُ
إليهم فِي فَهْمِها، ولا يُرجَعُ فيها إِلَى الخَلَفِ، إِنَّما الطَّيِّبُ مِن الخَلَفِ
مَنِ اقَتفَى أثَرَ السَّلَفِ، وسارَ عَلَى نَهجِهِم، كما قال تعالى:﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ
مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100].
«اتَّبعُوهُم» اتَّبعُوهم فِي العِلْمِ، وفِي العبادةِ، وفِي الاعتقادِ، والقولِ والعملِ، بإحسانٍ، أي: معَ الإتقانِ لطَريقَتِهم، ما غَلَوْا وتَطرَّفُوا، ولا جَفَوْا وتَساهَلُوا، بل اتَّبعُوهُم بإحسانٍ، باعتدالٍ واستقامةٍ مِن غَيْرِ غُلُوٍّ ومِن غَيْرِ تساهلٍ؛ لأنَّ هناك مَن يَدَّعِي أنَّهُ عَلَى مذهبِ السَّلَفِ، لكن يُخالِفُهم، فيَغْلُو ويَزيدُ، ويَخرُج عن طريقةِ السَّلَفِ، ومنهم مَن يَدَّعِي أنه عَلَى مَذهبِ السَّلَفِ، ويَتساهَلُ ويُضَيِّعُ، ويكتفِي بالانتسابِ، والَّذِي عَلَى مَنهجِ السَّلَفِ -حقيقةً- هو الَّذِي يَعتدِلُ، ويَستقِيمُ بينَ الإفراطِ والتَّفريطِ، لا غُلُوَّ ولا تَساهُلَ، هذه طريقةُ السَّلَفِ، لا كما يَحصُل من بعضِ الجُهَّالِ الآنَ الَّذِين يُسمُّونَ أنفُسَهم سَلفِيِّينَ، ثُمَّ يخالفونَ السَّلَفَ، ويَشتدُّونَ، ويُكفِّرُونَ غيْرَهم بِغيرِ حَقٍّ، ويُفَسِّقُونَ، ويُبدِّعُونَ مِنْ غَيْرِ ضَوابِطَ شرعِيَّةٍ. والسَّلَفُ ما كانُوا يعملون هذا،
الصفحة 3 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد