ثم قال: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ
مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ الله».
ورُوِيَ عَنْه صلى الله عليه وسلم أنَّه قَالَ في صِفَة الفِرْقَة
النَّاجِيَة: «هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ
وَأَصْحَابِي» ([1]).
فهَلاَّ قَالَ مَنْ تَمَسَّكَ بظَاهِر القُرآنِ في بَابِ الاعْتِقَادِ
فهُوَ ضَالٌّ؟
****
«الفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ» أيْ: النَّاجِيَة مِنَ النَّار، لقَوْلِه: «كُلُّهَا
فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً»، وَلمَّا سُئِلَ: مَنْ هِيَ يَا رَسُول اللهِ
هَذِهِ الفِرْقَة الَّتي تَنجُو مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ عَلَى
مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي».
«الْيَوْمَ»: يَوْمُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، هَذَا هُوَ
الضَّابِط لطَرِيقِ النَّجَاة؛ لأنَّ كَثيرًا مِن النَّاسِ اغترَّ بالكَثْرَة،
يقُولُ: كلُّ النَّاس عَلَى هَذَا، ثمَّ ينجَرِفُ معَ النَّاسِ، ولاَ حوْلَ ولاَ
قوَّةَ إلاَّ باللهِ.
هَلْ قَالَ الرَّسُولُ: لا تَمسَّكُوا بظَاهِر ومَدلُولِ القُرآنِ، لأنَّ مَنْ تَمسَّكَ بِهِ، فهُو ضَالٌّ كمَا يقُولُ هَؤُلاَءِ؟! حَاشَا وكلاَّ، بلْ قَالَ: منْ تَمسَّكَ بهِ، فهُوَ النَّاجِي: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» ([2])، وقَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي كِتَابُ اللهِوَسُنَّتِي» ([3]) الكِتَاب والسُّنَّة.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4596)، والترمذي رقم (2640)، وابن ماجه رقم (3992)، وأحمد رقم (12479)، والحاكم رقم (444) واللفظ له.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد