كما زادتِ اليَهودُ نُونًا بالتَّوراةِ، لمَّا قيل لهم: ﴿وَقُولُواْ حِطَّةٞ﴾ [البقرة: 58]، أي: حُطَّ عنا ذُنوبَنا، قالوا: حِنطةٌ«بالنُّونِ»، لأنَّهم يُريدون الأَكْلَ، ولا يُريدونَ الاستِغفارَ؛ فاليَهودُ زادوا نُونًا في كتابِ اللهِ ([1])، وهؤلاءِ زادوا لامًا في كتابِ اللهِ، فقالوا: استَوَى، يعني: استَوْلَى، ولم يَرِدْ في آيةٍ واحدةٍ في القُرآنِ كلِّه لفظُ«استَوْلَى»، فدلَّ على أنَّ هذا تأويلٌ باطلٌ مردودٌ، فـ﴿ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ على حَقيقَتِه: أنَّه علا وارتَفَعَ -سُبحانه- على العَرْشِ، هذا معناهُ. وأمَّا الاستِيلاءُ فلا يَخصُّ العَرشَ؛ لأنَّ اللهَ مُستَوْلٍ على كلِّ المَخلوقاتِ سبحانه وتعالى بمعنى: أنَّه يَمْلِكُها ويُدَبِّرُها، أيضًا قوْلُه: ﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ [يونس: 3]، بعد ذكْرِ خَلقِ السَّماواتِ والأرضِ في سِتَّةِ أيَّامٍ يدلُّ على التَّرتيبِ، فعَلَى قَوْلِهم يكونُ ما استَوْلَى على العَرشِ إلاَّ بعدَ أنْ تَغلَّبَ عليه، وكان قبلُ في مُلكِ غيرِه، كما تقولُ: استَولَى المَلكُ على البَلدِ الفُلاني، استَولَى عليه من يَدِ عَدُوِّه، فهذا تأويلٌ باطلٌ، وقد ألَّفَ فيه رحمه الله في إبطالِ تأويلِ استَوَى باستولى رسالةً مُستقلَّةً ([2])، أبطَلَ هذا من عِشرينَ وجْهًا.
([1])قال ابن القيم في النونية (2/ 66):
نون اليهود ولام جهم هما | في وحي رب العرش زائدتان |
([2])انظر: مجموع الفتاوى (5/ 144) حيث ذكر اثني عشر وجهًا في إبطاله وانظر أيضًا فيه (16/ 395) وما بعدها. وقال ابن القيم في النووية (1/ 396):
هذا ومن عشرين وجها ببطل إل | غير باستولى لذي العرفان | |
قد أفردت بمصنف لإمام هـ | ـذا الشأن بحر العالم الحراني |
وفي (الصواعق المرسلة): رد تفسير الاستواء بالاستيلاء من أربعين وجهًا.
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد