×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

ومَا أشْبَه حَال هَؤُلاَءِ المُتَكلِّفِينَ بقَوْلِه سبحانه وتعالى:﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا[النساء: 60]،

****

 ويقُولُ:﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ [النساء: 60]، فالطَّاغُوتُ هوَ مَن حَكَم بغَيْر مَا أنْزَلَ اللهُ، وقَادَتُهم وأئمَّتُهم طَوَاغِيتُ؛ لأنَّهُم يحْكُمُونَ بغَيْر مَا أنْزَلَ اللهُ، ويُحَكِّمُونَ عُقُولَهم وفَلْسفَتَهم وأفْكَارَهُم.

هَذِهِ الآيةُ نَزَلَتْ فِي قِصَّةٍ، وهِيَ أنَّ مُنافقًا ويَهُوديًّا وقَعَتْ بَينَهُما خُصُومَة، فقَالَ اليَهودِيُّ: نتَحَاكَم إلى محَمَّدٍ؛ لعِلِمْه أنَّ الرَّسُولَ لاَ يَأخُذُ الرِّشْوَةَ، وقَالَ المُنافِقُ الَّذي يدَّعِي الإيمَانَ بالرَّسُولِ: نتَحَاكَمُ إلى كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ اليَهُودِيِّ؛ لعِلْمِهِ أنَّهُ يَأخُذ الرِّشْوَة، فأَنْزَل اللهُ هَذِهِ الآيَةَ:﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ[النساء: 60] قَالَ﴿يَزۡعُمُونَيَعْنِي: يَدَّعُونَ الإيمَانَ يَعْنِي: إلَى كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ، بدَلاً مِن محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:﴿وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ أنْ يَكْفُروا بالطَّاغُوتِ، قَالَ تعَالَى:﴿فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ[البقرة: 256].


الشرح