×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

حكَى فِيهِ هَذِهِ التَّأوِيلاَتِ بأعْيَانِهَا عَنْ بِشْر المرِّيسيِّ بكَلاَم يقْتَضِي أنَّ المرِّيسيَّ أقْعَد بِهَا، وأعْلَم بالمَنْقُولِ والمَعْقُولِ مِن هَؤُلاَءِ المتَأخِّرِينَ الَّذِينَ اتَّصلَتْ إلَيْهِم مِن جِهَتِه، ثمَّ ردَّ ذَلِكَ عُثْمَان بنُ سَعِيد بكَلاَم إذَا طَالَعَه العَاقِلُ الذَّكِيُّ عَلِمَ حَقِيقَة مَا كَانَ علَيْه السَّلَف، وتبَيَّن لَهُ ظُهُور الحُجَّة لطَرِيقِهِمْ، وضَعْفِ حُجَّة مَنْ خَالَفَهُمْ.

ثمَّ إذَا رَأَى الأئِمَّة -أئمَّة الهُدَى- قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَمِّ المَرِّيسيَّة وأكْثَرُهم كفَّرُوهُم أو ضَلَّلُوهُم، وعَلِمَ أنَّ هَذَا القَوْل السَّارِي في هَؤُلاَءِ المُتأخِّرِينَ هُو مذْهَبُ المَرِّيسيَّة: تبَيَّن الهُدَى لمَنْ يُريدُ اللهُ هِدَايَتَه، ولاَ حَوْلَ ولاَ قُوَّة إلاَّ باللهِ.

****

وهَذَا من لُطْفِ اللهِ أنَّه يقَيِّضُ لأهْلِ البَاطِلِ مَن يرُدُّ عَلَيْهم فِي كُلِّ زَمَانٍ ومَكَانٍ، ولاَ تأخُذُه في اللهِ لوْمَة لائِمٍ، ولا يسْتَمِعُ للمُخَذِّل والمُرْجِف، بلْ يسْتَمِرُّ، ويمْضِي في بَيَانِ الحَقِّ، ورَدِّ البَاطِل. هَذَا هو الوَاجِب عَلَى العَالِم، لا سِيَّمَا عِنْد الحَاجَةِ، فإنَّهُ لا يسْكُت، ولاَ يتْرُك أهْلَ الضَّلاَلِ يعيثُونَ في الأرْضِ فسَادًا، ويضَلِّلُونَ النَّاسَ، ويرَوِّجُونَ أفْكَارَهُم، بَلْ يجِبُ عَلَى العُلَمَاءِ أنْ يبَيِّنُوا، ويرُدُّوا عَلَى هَؤُلاَءِ، وهذَا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ أنَّه لا يخْلُوا وَقْت من قَائِم للهِ بحُجَّة يرُدُّ عَلَى أهْلِ البَاطِل، وينْصُرُ الحقَّ وأهْلَهُ.

بعْضُ العُلَمَاءِ كفَّر الجَهْمِيَّة بمَا قَالُوه مِنَ الكُفْر والضَّلاَلِ، وبَعْضُهم لاَ يُكَفِّر المُقَلِّدِينَ منْهُم، لَكِن يحْكُمُ عَلَيْهم بالضَّلاَلِ، لَكِن مَن كَانَ مِنْهُم عَالِمًا، ويتَعَمَّد التَّضلِيلَ، فهُو كَافرٌ بلاَ شَكٍّ؛ لأنَّه مُعَانِد لكِتَابِ اللهِ وسنَّةِ رسُولِهِ، لَكِن أَجْمَعُوا عَلَى ذَمِّهِم وتَضْلِيلِهِمْ، وإنِ اختَلَفُوا في تَكْفِيرِهم أوْ عَدَم تكْفِيرِهِم.


الشرح