وَهُوَ سبحَانَهُ مَع ذَلك ليْس كمِثْلِه شَيءٌ،
****
-كمَا تقُولُه المُؤوِّلَة-. ولاَ
نقُولُ: إنَّه لاَ يَعلَم مَعنَاه إلاَّ اللهُ -كمَا تقُولُه المُفوِّضَة-. لأنَّ
هَذَا مَعنَاه أنَّ اللهَ أنْزَلَ علَيْنا شَيْئًا لاَ نَعلَم مَعنَاه، فيَكونُ
هَذَا مِنَ الأَحَاجيِّ والأَلْغَازِ الَّتِي لاَ تُعرَفُ، واللهُ عز وجل أمَرَنَا
بتَدَبر القُرْآنِ كلِّه: ﴿كِتَٰبٌ
أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ
أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [ص: 29]، فلَوْلا أَنَّ القُرْآنَ كلَّه يُفْهَم
مَعنَاه لَمَا أَمَرنَا اللهُ بتَدَبرِه، كيْفَ يَأمُرُنَا بتَدَبر شَيْء لاَ
يُعرَفُ مَعنَاه؟ هَذَا مُحَال؛ فمَعنَى الأَسمَاء والصِّفَات مَعلُوم، ولَكن
كيفيَّتها مَجهولَة لَنَا؛ ولِهَذَا يقُولُ الإِمام مَالِك رحمه الله: «الاستِوَاءُ
مَعلُومٌ، والكيْفُ مَجهولٌ، والإِيمَانُ بهِ وَاجب، والسؤالُ عنْه بدْعةٌ».
اللهُ عز وجل لَهُ أَسمَاءٌ وصِفَاتٌ، والمَخْلُوقُون لَهُم أَسمَاء وصِفَات، ولَكن لاَ تَشَابه بيْن صِفَاتِ اللهِ وصِفَات خَلْقِه، كمَا أنَّ اللهَ لَهُ ذَاتٌ لاَ تُشْبه ذَوَاتِ المَخْلُوقِين، فكذَلِك أسمَاؤُه وصِفَاتُه لاَ تُشْبه أَسمَاء وصِفَات المَخْلُوقِينَ؛ لأَنَّ الأَسمَاء والصِّفَات تتَّبع الذَّات المَوْصُوفَة بهَا، فكمَا أنَّ ذَاتَه لاَ يَعلَمُ كيْفِيَّتَها إِلاَّ اللهُ، فكذَلِك أسمَاؤُه وصِفَاتُه لاَ يَعلَمُ كيْفِيَّتَها إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى، فالكلاَم فِي الأَسمَاء والصِّفَات مِثْل الكلاَم فِي الذَّاتِ.
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد