وَهُوَ
الإِيمَانُ بالخَلْقِ والبعثِ؛ كمَا جمَع بيْنَهُما فِي قَولِهِ تَعالَى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ﴾ [البقرة: 8]، وقَالَ تَعالَى: ﴿مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ
سَمِيعُۢ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: 28]، وقَالَ تَعالَى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ﴾ [الروم:
27] وقَدْ بيَّنَ الله تَعالَى علَى لسانِ رسوله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ
الإِيمَانِ باللهِ واليَوْم الآخِرِ مَا هَدَى اللهُ بهِ عبادَه، وكشَفَ بهِ مرَادَه.
****
ذَكر الإِيمَانَ باللهِ واليَوْم الآخِرِ؛ لأنَّ الإِيمَانَ باللهِ
يقْتَضِي الإِيمَانَ بالمَبدَأ والمَعادِ.
﴿ مَّا خَلۡقُكُمۡ﴾ فِي البدَايَةِ،﴿وَلَا بَعۡثُكُمۡ﴾ أيْ: إحْيَاؤُكم
بعدَ المَوْت،﴿إِلَّا
كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ﴾فالَّذِي يقْدِرُ علَى نفْس واحِدَةٍ يبدَأهَا ويعيدُهَا
قَادِرٌ علَى خَلْقِ النَّاس وإعادَتِهم جمِيعا، لاَ يُعجزُه شَيْء، ولاَ فَرْقَ
بيْنَ قُدرَتِهِ علَى نَفْس واحِدَةٍ، وقُدرَتِه علَى جمِيع الأنْفُس.
﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ﴾هَذَا الإِيمَانُ
بالمَبدَأ،﴿ثُمَّ
يُعِيدُهُۥ﴾هَذَا الإِيمَانُ بالمَعاد،﴿وَهُوَ
أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ﴾أيْ: فِي نَظَرِ العقُولِ، وإلاَّ فكلُّ الأشْيَاءِ
هَيِّنَة علَى اللهِ عز وجل، واللهُ سبحانه وتعالى كلُّ شَيْء علَيْه يَسيرٌ، لاَ
يُعجزه شَيْء، لَكن هَذَا مِنْ باب التَّنزِيلِ مَعهُم فِي نَظَرِ العقُولِ، وَهُوَ
أنَّ الَّذِي يَقْدِر علَى البدَايَةِ يقْدِر علَى الإعادَةِ مِنْ باب أوْلَى.
بيَّنَ اللهُ عز وجل الإِيمَانَ باللهِ والإِيمَانَ باليَوْمِ الآخِرِ فِي آيَاتٍ كثِيرَة هَدَى اللهُ بهَا عبادَهُ، وبيَّنَ بهَا مُرَادَه سبحانه وتعالى، فمِنَ الإِيمَانِ باللهِ الإِيمَانُ بأسمَائِه وصِفَاتِه، ففِي هَذَا حُجةٌ علَى الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّ النُّصُوصَ لاَ تفِيدُ العلْمَ فِي أَسمَاء اللهِ وصِفَاتِهِ؛ لأنَّهَا عنْدَهُم أَدِلَّةً ظَنِّيَّةً، وأمَّا
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد