العِلمِ مَن يُبَيِّنُ الدِّينَ الصّحيحَ من الدّينِ المُزيَّفِ، وهذا -وللهِ الحمدُ- في كلِّ زمانٍ يُقيِّضُ اللهُ لهذه الأمَّةِ من الأئمَّةِ المُصلحِين والمُجدِّدِين مَن يقومُ بهذه المهمَّةِ العظيمةِ، ولولا أنَّ اللهَ يُقيِّضُ هؤلاءِ الأئمَّةَ، لضاعَ هذا الدِّينُ، واستَبْدَلَ به غيرَه، ولتَسلَّطَ شياطينُ الإنسِ والجنِّ والجهلَةُ على النَّاسِ، فصَرفُوهم عنِ الدِّينِ الصَّحيحِ، هذا من فَضْلِ اللهِ سبحانه وتعالى على هذه الأمَّةِ أن يُوجِدَ فيها هؤلاءِ الأئمَّةَ عندَ الحاجةِ، ومِن هؤلاءِ: شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ رحمه الله، فإنَّه قامَ بنُصْرةِ هذا الدِّينِ وإظهارِه، ودَفْعِ الشُّبَهِ، ودَفْعِ الأباطيلِ الَّتي أُلْصِقَتْ بالدِّينِ وليسَت مِنْه، فنَصرَ اللهُ به هذا الدِّينَ، ومِن قَبْلِه الإمامُ أحمدُ الَّذي وَقفَ في وَجْهِ الجَهميَّةِ ([1])، والمُعتزلةِ ([2])، وفَضَحَهم، وثَبتَ حتَّى نَصرَه اللهُ عليهِم في مَسألةِ القَولِ بخَلقِ القُرآنِ، مع أنَّ السَّلاطينَ وكباَر الشَّخصيَّاتِ في الدَّولةِ كانوا ضِدَّه، ولكنَّه رحمه الله ثَبَتَ، وصَبرَ على العَذابِ والسَّجْنِ والجَلْدِ، وفي النِّهايةِ صارتِ العاقبةُ له، ونصرَهُ اللهُ، وثبتَ به هذا الدِّينُ، كما
([1])هي إحدى الفرق الضالة المخالفة لأهل السنة والجماعة، العبد عندهم مجبور على فعله، وعندهم أن الجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلها حتى لا يبقى موجود سوى الله تعالى، وهم أتباع الجهم بن صفوان أبو محرز الراسي الذي قتله سلم بن أحوز سنة ثمان وعشرين ومائة. انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 86)، والفرق بين الفرق (ص: 199)، وميزان الاعتدال للذهبي (2/ 159)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (ص: 590).
([2])هي إحدى الفرق الضالة المخالفة لأهل السنة والجماعة، ورأس هذه الفرقة واصل بن عطاء الغزال، كان تلميذًا في مجلس الحسن البصري، فأظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين وأن صاحب الكبيرة ليس بمؤمن ولا بكافر، وانضم إليه عمرو بن عبيد، واعتزلا مجلس الحسن، فسُمُّوا بالمعتزلة لذلك، ويلقبون بالقدرية لاسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم وإنكارهم القدر فيها، ومذهبهم في الصفات التعطيل كالجهمية. انظر: الملل والنحل (6/ 30- 32)، والفرق بين الفِرَق (ص: 18، 93، 94)، وسير أعلام النبلاء (5/ 464). ووفيات الأعيان (6/ 8).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد