قوله: «فإن
َهؤُلاَءِ الذين يَبْنُونَ الأَْحْكَامَ عَلَى الأَْحَادِيثِ يَحْتَاجُونَ أَنْ
يَجْتَهِدُوا فِي مَعْرِفَةِ صَحِيحِهَا وَضَعِيفِهَا، وَتَمْيِيزِ رِجَالِهَا».
الأحاديث التي لم يلتزم أهلها بالصحة، وإنما رووها فقط وذكروها، يحتاج الإنسان قبل
أن يبني عليها حكمًا شرعيًّا أن يبحث في أسانيدها ورواتها؛ لئلا يبني على شيء لم
يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: «فَإِنَّ بَسْطَ هَذِهِ الأُْمُورِ لَهُ
مَوْضِعٌ آخَرُ». مع هذا الكلام النفيس المفيد الذي ذكره يعتذر ويقول: لا أحب
أن أطيل؛ وهذا له مكان آخر.
قوله: «وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِي
هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَرْفُوعٌ». لما أبحر في هذا البحر المتلاطم
عاد وأتى بالمقصود، وبين أنه لا يُعتمد على هذه الأحاديث التي فيها توسل
بالمخلوقين؛ كحديث توسل آدم بمحمدٍ، أو التوسل بإبراهيم، أو بموسى، أو بعيسى، أو
بمحمدٍ، هذا قصده رحمه الله من كل هذا البحث الذي مرَّ.
قوله: «بَلِ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ إنَّمَا يَعْرِفُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ؛ إمَّا تَعَمُّدًا مِنْ وَاضِعِهِ، وَإِمَّا غَلَطًا مِنْهُ»؛ لأنَّ الواضع قد لا يكون متعمدًا الوضع والكذب، ولكنه مشى عليه واندرج عليه، أما إذا كان متعمدًا فدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (119)، ومسلم رقم (3).
الصفحة 2 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد