وَلاَ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ الشَّيْءُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا إلاَّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ
يَقْتَضِي إيجَابَهُ أَوْ اسْتِحْبَابَهُ. وَالْعِبَادَاتُ لاَ تَكُونُ إلاَّ
وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً، فَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلاَ مُسْتَحَبٍّ فَلَيْسَ
بِعِبَادَةِ. وَالدُّعَاءُ لِلَّهِ تعالى عِبَادَةٌ إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ بِهِ
أَمْرًا مُبَاحًا.
وَفِي الْجُمْلَةِ
فَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ السُّؤَالُ بِهِ، بِخِلاَفِ
دُعَاءِ الْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ وَالْمَلاَئِكَةِ
وَالصَّالِحِينَ وَالاِسْتِغَاثَةِ بِهِمْ وَالشَّكْوَى إلَيْهِمْ، فَهَذَا مِمَّا
لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ
بِإِحْسَانٍ، وَلاَ رَخَّصَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَحَدِيثُ
الأَْعْمَى الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ هُوَ مِنَ الْقِسْمِ
الثَّانِي مِنَ التَّوَسُّلِ بِدُعَائِهِ؛ فَإِنَّ الأَْعْمَى قَدْ طَلَبَ مِنَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِأَنْ يَرُدَّ اللَّهُ
عَلَيْهِ بَصَرَهُ. فَقَالَ لَهُ: «إنْ شِئْت صَبَرْت وَإِنْ شِئْت دَعَوْت»، فَقَالَ:
بَلْ اُدْعُهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولَ:
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنَبِيِّك نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَتَوَجَّهُ بِك إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ
لِيَقْضِيَهَا، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ ([1]).
فَهَذَا تَوَسُّلٌ
بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَتِهِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم، وَلِهَذَا قَالَ: وَشَفِّعْهُ فِيَّ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ
يَقْبَلَ شَفَاعَةَ رَسُولِهِ فِيهِ وَهُوَ دُعَاؤُهُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدُعَائِهِ الْمُسْتَجَابِ، وَمَا أَظْهَرَ اللَّهُ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ مِنَ الْخَوَارِقِ وَالإِْبْرَاءِ مِنَ الْعَاهَاتِ، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ لِهَذَا الأَْعْمَى أَعَادَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3578)، والنسائي في الكبرى رقم (10420)، وابن ماجه رقم (1385)، وأحمد رقم (17240).
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد