×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَأَمَّا مَا خَلَقَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَطَرِ وَالسَّحَابِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَلَمْ يَجْعَلْ غَيْرَهُ مِنَ الْعِبَادِ وَاسِطَةً فِي ذَلِكَ الْخَلْقِ، كَمَا جَعَلَ الرُّسُلَ وَاسِطَةً فِي التَّبْلِيغِ، بَلْ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ بِمَا يَشَاءُ مِنَ الأَْسْبَابِ، وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ شَيْءٌ يَسْتَقِلُّ بِإِبْدَاعِ شَيْءٍ، بَلْ لاَ بُدَّ لِلسَّبَبِ مِنْ أَسْبَابٍ أُخَرَ تُعَاوِنُهُ، وَلاَ بُدَّ مِنْ دَفْعِ الْمُعَارِضِ عَنْهُ، وَذَلِكَ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

****

الشرح

قوله: «فَلَمْ يَجْعَلْ غَيْرَهُ مِنَ الْعِبَادِ وَاسِطَةً فِي ذَلِكَ الْخَلْقِ، كَمَا جَعَلَ الرُّسُلَ وَاسِطَةً فِي التَّبْلِيغِ»، المخلوقات كلها أسباب يوجد الله بها ما شاء، فليست هي التي توجد من نفسها، وإنما الله هو الذي يجعلها أسبابًا، يوجد بها ما يشاء من الأرزاق والأمطار وغير ذلك، فهي أسباب فقط، لا أنها هي التي تحدث الأشياء بذاتها، وإنما يجعلها الله أسبابًا، كما جعل السحاب سببًا للمطر، والرياح سببًا لإنشاء السحاب، وما يُجري الله على يد بعض العباد رزقًا أو خيرًا إنما هو سبب وليس مستقلًّا بذاته.

قوله: «بَلْ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ بِمَا يَشَاءُ مِنَ الأَْسْبَابِ»، هذه لا يُقال: إنها وسائط، والسحاب واسطة في إنزال المطر، والأرض واسطة بإنبات النبات بالتربة، إنما هذه أسباب يجعلها الله جل وعلا إن شاء أنتجت، وإن لم يشأ تنتج، فهي بيد الله سبحانه وتعالى، ولا يقال إنها وسائط كما أن الرسل وسائط فيما بين الخلق وبين الله في تبليغ الرسالة، فهناك فرق بين الواسطة والسبب.

قوله: «وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ شَيْءٌ يَسْتَقِلُّ بِإِبْدَاعِ شَيْءٍ». ليست المخلوقات تستقل بإيجاد الأشياء، إنما هي أسباب في إيجاد الأشياء إذا أراد الله سبحانه وتعالى.


الشرح