×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَدُعَاءُ الْغَائِبِ لِلْغَائِبِ أَعْظَمُ إجَابَةً مِنْ دُعَاءِ الْحَاضِرِ؛ لأَِنَّهُ أَكْمَلُ إخْلاَصًا، وَأَبْعَدُ عَنِ الشِّرْكِ، فَكَيْفَ يُشْبِهُ دُعَاءَ مَنْ يَدْعُو لِغَيْرِهِ بِلاَ سُؤَالٍ مِنْهُ إلَى دُعَاءِ مَنْ يَدْعُو اللَّهَ بِسُؤَالِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ؟ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَعْظَمُ الدُّعَاءِ إجَابَةً دُعَاءُ غَائِبٍ لِغَائِبِ» ([1]).

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ بِدَعْوَةِ، إلاَّ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا كُلَّمَا دَعَا لأَِخِيهِ بِدَعْوَةٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلِهِ» ([2]) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَخْلُوقَ يَطْلُبُ مِنَ الْمَخْلُوقِ مَا يَقْدِرُ الْمَخْلُوقُ عَلَيْهِ، وَالْمَخْلُوقُ قَادِرٌ عَلَى دُعَاءِ اللَّهِ وَمَسْأَلَتِهِ، فَلِهَذَا كَانَ طَلَبُ الدُّعَاءِ جَائِزًا كَمَا يَطْلُبُ مِنْهُ الإِْعَانَةَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَالأَْفْعَالَ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَيْهَا.

****

الشرح

المسلم يدعو لأخيه الحاضر إذا طلب منه أو لم يطلب، يدعو لإخوانه الحاضرين، فيقول: غفر الله لنا وله، رحمنا الله وإياك، عفا الله عنا وعنك، رزقنا الله وإياك، فهذا طيب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ» ([3])، وهذا من بذل المعروف والإحسان، ولكن الدعاء له وهو غائب أفضل من الدعاء له وهو حاضر.

قوله: «أَعْظَمُ إجَابَةً مِنْ دُعَاءِ الْحَاضِرِ؛ لأَِنَّهُ أَكْمَلُ إخْلاَصًا وَأَبْعَدُ عَنِ الشِّرْكِ»، فربما الذي يدعو من باب الرياء أو التملق، لكن إذا دعا له


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1535) والترمذي رقم (1980).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2732).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45).