وَلِهَذَا لَمْ يَكُنِ
الصَّحَابَةُ وَالسَّلَفُ يَهْدُونَ إلَيْهِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ، وَلاَ
يَحُجُّونَ عَنْهُ، وَلاَ يَتَصَدَّقُونَ، وَلاَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ،
وَيَهْدُونَ لَهُ؛ لأَِنَّ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ صَلاَةٍ
وَصِيَامٍ وَحَجٍّ وَصَدَقَةٍ وَقِرَاءَةٍ لَهُ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ
أُجُورِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ؛ بِخِلاَفِ
الْوَالِدَيْنِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا عَمِلَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْخَيْرِ يَكُونُ
لِوَالِدَيْهِ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَلِهَذَا يُهْدِي الثَّوَابَ لِوَالِدَيْهِ
وَغَيْرِهِمَا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ
الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مُطِيعٌ لِرَبِّهِ عز وجل فِي قَوْله تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ ٧وَإِلَىٰ
رَبِّكَ فَٱرۡغَب ٨﴾ [الشرح: 7، 8] فَهُوَ صلى الله عليه وسلم لاَ يَرْغَبُ
إلَى غَيْرِ اللَّهِ.
وَقَدْ ثَبَتَ
عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ
سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لاَ يسترقون، وَلاَ
يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ([1]). فَهَؤُلاَءِ
مِنْ أُمَّتِهِ، وَقَدْ مَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ لاَ يسترقون، وَالاِسْتِرْقَاءُ
أَنْ يَطْلُبَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ، وَالرُّقْيَةُ مِنْ نَوْعِ
الدُّعَاءِ.
****
الشرح
قوله: «وَلِهَذَا لَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ
وَالسَّلَفُ يَهْدُونَ إلَيْهِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ»، مثل ما يهدون إلى بقية
الأموات، فيحجون عن الأموات ويعتمرون ويتصدقون، ما كانوا يفعلون هذا عن الرسول صلى
الله عليه وسلم؛ لأنه في غنى عن هذا؛ لأن له من الأجر مثل أجور العاملين.
قوله: «وَلاَ يَحُجُّونَ عَنْهُ وَلاَ يَتَصَدَّقُونَ»، لا يتصدقون عنه صلى الله عليه وسلم مثل ما يتصدقون عن الميت. «وَلاَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَهْدُونَ لَهُ»؛ لأنك إذا قرأت القرآن فللرسول صلى الله عليه وسلم مثل أجرك.
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد