×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 مَعَ أَنَّ طَلَبَهُ مِنْ أُمَّتِهِ الدُّعَاءَ لَيْسَ هُوَ طَلَبَ حَاجَةٍ مِنَ الْمَخْلُوقِ، بَلْ هُوَ تَعْلِيمٌ لأُِمَّتِهِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ. وَبِسَبَبِ ذَلِكَ التَّعْلِيمِ وَالْعَمَلِ بِمَا عَلَّمَهُمْ يُعْظِمُ اللَّهُ أَجْرَهُ: فَإِنَّا إذَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْنَا عَشْرًا، وَإِذَا سَأَلْنَا اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْنَا شَفَاعَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكُلُّ ثَوَابٍ يَحْصُلُ لَنَا عَلَى أَعْمَالِنَا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِنَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِنَا شَيْءٌ؛ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَْجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» ([1])، وَهُوَ الَّذِي دَعَا أُمَّتَهُ إلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَكُلُّ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ أُمَّتُهُ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ.

****

الشرح

قوله: «مَعَ أَنَّ طَلَبَهُ مِنْ أُمَّتِهِ الدُّعَاءَ لَيْسَ هُوَ طَلَبَ حَاجَةٍ مِنَ الْمَخْلُوقِ، بَلْ هُوَ تَعْلِيمٌ لأُِمَّتِهِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ». الرسول صلى الله عليه وسلم شرع لنا بعد الآذان أن نتابع المؤذن، ثم إذا فرغ نصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نقول الدعاء الوارد، وفي آخره: «اللَّهُمَّ آتِ نَبِيَّنا محمدًا صلى الله عليه وسلم الْوَسِيلَةَ والْفَضِيلَةَ»، والوسيلة قصر في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد صالح، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نطلب من الله، وأن ندعو الله له بالوسيلة، فهذا دليل على أن طلب الدعاء من الحي لا بأس به، وإن كان المطلوب منه أنقص من الطالب، فالرسول صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق، ومع هذا طلب منا أن ندعو له بعد الآذان، هذا من ناحية، من ناحية ثانية هذا فيه نفع لنا؛ لأن من سأل الله الوسيلة لرسوله صلى الله عليه وسلم حلت له شفاعة الرسول يوم القيامة، فالفائدة عائدة إلينا، فطلب الوسيلة من الرسول فيه مصلحتان:

الأول: فيه حصول الوسيلة للرسول صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2674).