قوله: «فَحُصُولُ
الْغَرَضِ بِبَعْضِ الأُْمُورِ لاَ يَسْتَلْزِمُ إبَاحَتَهُ، وَإِنْ كَانَ
الْغَرَضُ مُبَاحًا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَفْسَدَةٌ
رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَتِهِ، وَالشَّرِيعَةُ جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ
وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا». كذلك لا يدل على
جواز الشيء كونه فيه مصلحته حتى يُنظر هل هذه المصلحة خالصة، وليس فيه مضرة، أو
هذه المصلحة راجحة على ما فيه من المضرة، فيكون هذا مشروعًا إذا كان لمصلحةٍ
خالصةٍ أو مصلحةٍ راجحةٍ، أمَّا إذا كانت المصلحة مرجوحة والمفسدة راجحة فلا يكون
مشروعًا أبدًا.
قوله: «وَإِلاَّ فَجَمِيعُ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ
الشِّرْكِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ، قَدْ يَحْصُلُ
لِصَاحِبِهِ بِهِ مَنَافِعُ وَمَقَاصِدُ». قال تعالى: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ
عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ
لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: 219]، فالخمر قد يكون فيه مصلحة، وكذلك الميسر
قد يكون فيه مصلحة جزئية؛ ولكن ما فيهما من المضرة أعظم؛ لذلك حرمهما الله سبحانه
وتعالى.
قوله: «كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الأُْمُورِ
كَالْعِبَادَاتِ وَالْجِهَادِ وَإِنْفَاقِ الأَْمْوَالِ قَدْ تَكُونُ مُضِرَّةً»،
إذا كانت المصلحة راجحة فإن الشيء يكون مشروعًا، مثل: الجهاد فيه مضرة؛ فيه قتل،
وفيه جراح، وفيه إنفاق للمال، ولكن مصالحه أرجح فيه: نصر للدين، وإذلال للكفر،
ونشر للتوحيد، فمصالحه راجحة على ما فيه من المضار؛ لذلك شرعه الله سبحانه وتعالى.
وكذلك الصيام فيه مضرة على الإنسان يمنعه من الأكل والشراب، ومشتهياته المباحة،
ولكن فيه مصلحة راجحة، وهي الثواب. وكذلك قيام الليل فيه تعرض للسهر، ومشقة على
النفس، ولكن فيه مصلحة راجحة؛ لذلك كان مشروعًا، فلا بد من المقارنة بين المصالح
والمفاسد في الأشياء.
قوله: «فهذا أصل يجب اعتباره»، وهو النظر في المصالح، هل هي خالصة، أو راجحة، أو مرجوحة؟
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد