كَمَا أَنَّ
الْمُسْلِمِينَ لَمَّا أَجْدَبُوا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ دَخَلَ عَلَيْهِ
أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَْمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ
السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِثْنَا، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا»، وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ؛ فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ
فَمُطِرُوا أُسْبُوعًا لاَ يَرَوْنَ فِيهِ الشَّمْسَ؛ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِمْ
الأَْعْرَابِيُّ - أَوْ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْقَطَعَتِ
السُّبُلُ وَتَهَدَّمَ الْبُنْيَانُ فَادْعُ اللَّهَ يَكْشِفْهَا عَنَّا، فَرَفَعَ
يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى
الآْكَامِ وَالظِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ وَبُطُونِ الأَْوْدِيَةِ»؛
فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ كَمَا يَنْجَابُ الثَّوْبُ ([1]). وَالْحَدِيثُ
مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
****
الشرح
قوله: «كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا أَجْدَبُوا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ دَخَلَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَْمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ...». هذا الحديث واضح في أن المقصود طلب الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد طلب هذا الأعرابي من الرسول أن يدعو الله لهم بالسقيا، فلما كثر المطر، وتضرروا طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يمسكه عنهم، فالأول دعاء الاستسقاء، والثاني دعاء الاستصحاء؛ أي طلب الصحو، فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآْكَامِ»، وهي: المرتفعات، «والظِّرَابِ» جمع ظرب، وهي الأرض المنخفضة، «وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ وَبُطُونِ الأَْوْدِيَةِ»، فهذه الأمكنة لا ضرر على الناس منها، بل فيها الخير، أما المدينة وطرقها ومبانيها فقد تتهدم إذا كثر
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد