وَرَوَى بَعْضُ
الْجُهَّالِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إذَا سَأَلْتُمُ
اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِجَاهِي؛ فَإِنَّ جَاهِي عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ». وَهَذَا
الْحَدِيثُ كَذِبٌ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَعْتَمِدُ
عَلَيْهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَلاَ ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّ جَاهَهُ عِنْدَ اللَّهِ تعالى أَعْظَمُ مِنْ جَاهِ
جَمِيعِ الأَْنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ. وَقَدْ أَخْبَرَنَا سُبْحَانَهُ عَنْ
مُوسَى وَعِيسَى عليهما السلام أَنَّهُمَا وَجِيهَان عِنْدَ اللَّهِ فَقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ
مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا﴾ [الأحزاب: 69]،
وقال تعالى: ﴿إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ
يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ
عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: 45].
فَإِذَا كَانَ
مُوسَى وَعِيسَى وَجِيهَيْنِ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل؛ فَكَيْفَ بِسَيِّدِ وَلَدِ
آدَمَ صَاحِبِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الأَْوَّلُونَ
والآخرون؛ وَصَاحِبِ الْكَوْثَرِ ([1])، وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ
الَّذِي آنِيَتُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ
اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ
يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا ([2]).
****
الشرح
قوله: «وَرَوَى بَعْضُ الْجُهَّالِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِجَاهِي...»»، المخرفون لا يعوزهم الكذب لتأييد مذهبهم، فكذبوا هذا الحديث واخترعوا ليؤيدوا به مذهبهم، ولله الحمد هو باطل ليس في شيء من دواوين السنة المعروفة، وإنما هو في كتب المخرفين، وليس له سند، فلذلك فضحهم الله سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6581).
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد