ونحن لا ننكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم له جاه، وموسى عليه السلام له
جاه كما جاء في القرآن، وعيسى عليه السلام له جاه؛ لكن لا يشرع لنا أن نسأل بجاه
الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الخلق؛ لأنَّ هذا لا دليل عليه لا من الكتاب
ولا من السُّنة.
قوله: «وَقَدْ أَخْبَرَنَا سُبْحَانَهُ عَنْ مُوسَى
وَعِيسَى عليهما السلام أَنَّهُمَا وَجِيهَان عِنْدَ اللَّهِ...»، أثبت لهم
الجاه، لكن السؤال به لا يجوز إلا بدليل، ولا دليل على ذلك، والصحابة رضي الله
عنهم ما سألوا بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أن جاه الرسول صلى الله عليه
وسلم باقٍ حيًّا وميتًا، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما مات لم ينقطع جاهه عند
الله، ولا موسى عليه السلام انقطع جاهه عند الله، ولا عيسى عليه السلام؛ بل الجاه
باقٍ، ومع هذا لم يسألوا بجاهه صلى الله عليه وسلم.
قوله: «فَإِذَا كَانَ مُوسَى وَعِيسَى وَجِيهَيْنِ
عِنْدَ اللَّهِ عز وجل؛ فَكَيْفَ بِسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ...»، الذي فضله الله
بهذه الأشياء، كيف لا يكون له جاه عند الله سبحانه وتعالى، ومع هذا ما سأل الصحابة
رضي الله عنهم بجاه الرسول، مع أن جاهه باقٍ حيًّا وميتًا، فدلَّ على أنَّ المقصود
هو الدعاء، وقد انقطع بوفاته صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وَصَاحِبِ الْكَوْثَرِ وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ الَّذِي آنِيَتُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ...»، الله خصَّه بالكوثر، قال تعالى: ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ﴾ [الكوثر: 1]، وهو نهر عظيم في الجنة، وخصَّه أيضًا بالحوض المورود الذي ترد عليه أُمته، ويسقيهم ولا يظمئون بعد ذلك، ويزاد عنه المبتدعة والمرتدون والمنافقون ([1])، فيمنعون من ورود الحوض - نسأل الله العافية - ولا يَرِده إلا أهل التوحيد والإيمان الذين لم يبدلوا ولم يغيروا، فهذا من كراماته وجاهه عند الله سبحانه وتعالى أنَّ الله أعطاه هذه الأشياء العظيمة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6584)، ومسلم رقم (2291).
الصفحة 2 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد