قوله: «وَأَمَّا
بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الدُّعَاءَ؛ لاَ
عِنْدَ قَبْرِهِ وَلاَ عِنْدَ غَيْرِ قَبْرِهِ»؛ بل كان الصحابة رضي الله عنهم
يطلبون الدعاء من الحي الحاضر معهم في المصلى، وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ليس
بينهم وبينه إلا خطوات، فهم كانوا يصلون في مصلى العيد عند مسجد الغمامة المعروف
الآن، ومسجد الغمامة هو مصلى العيد والاستسقاء، ما بينه وبين القبر إلا قليل،
فلماذا يعدلون عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قريب منهم إلى العباس رضي الله
عنه ؟ إلا لأن الميت لا يطلب منه شيء، إنما يطلب من الحي ولو كان مفضولاً، ولا شك
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من العباس رضي الله عنه وأفضل من كل الأمة، ومع
هذا ما ذهبوا إلى قبره. فالأمر واضح في هذا، لكن لمَن يريد الحق، أمَّا الذي لا
يريد الحق فلا حيلة فيه.
قوله: «وَإِنْ كَانَ قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ
حِكَايَاتٌ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ». حكايات أنه دعا عند قبر فلان
فاستجيب له، أو طلب من الميت كذا فاستجيب له، وهذه ليست بدليل، إنما هي حكايات،
حتى لو حصل هذا ووقع فلا يكون دليلاً، إنما الدليل من الكتاب والسنة، أما أنه حصل
كذا عند القبر الفلاني فهذا ليس بحجة، بل قد يكون استدراجًا لهذا الشخص أو فتنة.
قوله: «وَإِنْ كَانَ قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ
حِكَايَاتٌ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ». ولم يرد عن المتأخرين القدامى،
إنما هذا عند بعض المتأخرين، وعمل المتأخرين لا يكون حجة إلا إذا وافق عمل الصحابة
رضي الله عنهم والتابعين والقرون المفضلة؛ لأنهم أعلم وأدرى منا.
قوله: «بَلْ طَلَبُ الدُّعَاءِ مَشْرُوعٌ مِنْ
كُلِّ مُؤْمِنٍ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ». طلب الدعاء مشروع من كل مؤمن لكل مؤمن:
تدعو لنفسك، وتدعو لإخوانك، مَن طلب منك ومن لم يطلب، فالمسلم يدعو لإخوانه
الأحياء والأموات، هذا هو المشروع.
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد