وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ
أَعْمَى تَوَسَّلَ بِهِ وَلَمْ يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم
بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الأَْعْمَى، لَكَانَ عُمْيَانُ الصَّحَابَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ
يَفْعَلُونَ مِثْلَ مَا فَعَلَ الأَْعْمَى، فَعُدُولُهُمْ عَنْ هَذَا إلَى هَذَا -
مَعَ أَنَّهُمُ السَّابِقُونَ الأَْوَّلُونَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَْنْصَارُ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ - فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَبِحُقُوقِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا يشْرَعُ مِنَ الدُّعَاءِ
وَيَنْفَعُ، وَمَا لَمْ يَشْرَعْ وَلاَ يَنْفَعْ.
وَذَلِكَ أَنَّ
التَّوَسُّلَ بِهِ حَيًّا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَسْأَلَتِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ
وَهَذَا مَشْرُوعٌ؛ فَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ.
وَأَمَّا بَعْدَ
مَوْتِهِ فَلَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الدُّعَاءَ؛ لاَ عِنْدَ
قَبْرِهِ وَلاَ عِنْدَ غَيْرِ قَبْرِهِ، كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ
عِنْدَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ؛ يَسْأَلُ أَحَدُهُمُ الْمَيِّتَ حَاجَتَهُ أَوْ
يُقْسِمَ عَلَى اللَّهِ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ قَدْ رُوِيَ فِي
ذَلِكَ حِكَايَاتٌ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ بَلْ طَلَبُ الدُّعَاءِ
مَشْرُوعٌ مِنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ.
****
الشرح
قوله: «وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَعْمَى تَوَسَّلَ بِهِ وَلَمْ يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الأَْعْمَى، لَكَانَ عُمْيَانُ الصَّحَابَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ يَفْعَلُونَ مِثْلَ مَا فَعَلَ الأَْعْمَى». لكان عميان الصحابة رضي الله عنهم الذين أصابهم العمى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يأتون إلى قبره، ويطلبون منه أن يدعو الله أن يرد عليهم أبصارهم. ولكن لم يرد أن أحدًا منهم أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره وطلب منه شيئًا ألبتة، لا الاستغفار، ولا الدعاء، ولا الفتوى، وهم بحاجة إلى الفتوى، وكانوا يستفتون النبي صلى الله عليه وسلم في حياته حتى تكاثروا وشقوا عليه، فالله أمرهم بالصدقة؛ كما جاء في التفسير: ﴿فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ﴾ [المجادلة: 12] من كثرة الأسئلة،
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد