×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 فَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِذَاتِهِ فِي حُضُورِهِ أَوْ مَغِيبِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ - مِثْلَ الإِْقْسَامِ بِذَاتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ، أَوِ السُّؤَالِ بِنَفْسِ ذَوَاتِهِمْ بِدُعَائِهِمْ - فَلَيْسَ هَذَا مَشْهُورًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ بَلْ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ، لَمَّا أَجْدَبُوا اسْتَسْقَوْا وَتَوَسَّلُوا وَاسْتَشْفَعُوا بِمَنْ كَانَ حَيًّا كَالْعَبَّاسِ وكيزيد بْنِ الأَْسْوَدِ، وَلَمْ يَتَوَسَّلُوا وَلَمْ يَسْتَشْفِعُوا وَلَمْ يَسْتَسْقُوا فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لاَ عِنْدَ قَبْرِهِ وَلاَ غَيْرِ قَبْرِهِ، بَلْ عَدَلُوا إلَى الْبَدَلِ كَالْعَبَّاسِ وكيزيد، بَلْ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ فِي دُعَائِهِمْ.

****

الشرح

قوله: «أَوِ السُّؤَالِ بِنَفْسِ ذَوَاتِهِمْ بِدُعَائِهِمْ»، السؤال بالمخلوق لا يجوز؛ لأنه سبق لنا أن هذا إقسام على الله، والإقسام بالمخلوق لا يجوز بين الناس بعضهم على بعض، فكيف يحلف بالمخلوق على الخالق سبحانه وتعالى ؟! إنما يسأل الخالق بدعاء المخلوق وتضرعه، هذا الذي يشرع. ولو كان السؤال بذاته صلى الله عليه وسلم جائزًا لسأل الصحابة رضي الله عنهم بعد موته؛ لأنه لا فرق، وإذا كان المراد بالذات التوسل بذات لا فرق بين كونه حيًّا أو ميتًا، إنما هذا يدل على أن التوسل بدعائه، والميت لا يطلب منه دعاء.

قوله: «فَلَيْسَ هَذَا مَشْهُورًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ»؛ لأنه لا دليل عليه، وهو إقسام بالمخلوق، والحلف بالمخلوق لا يجوز؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([1])، فلا يجوز السؤال بذات


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (6072).