×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ، وَلاَ فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنِ الْعَرْشِ، وَعَنْ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، لاَ يَفْتَقِرُ إلَى شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ؛ بَلْ هُوَ الْحَامِلُ بِقُدْرَتِهِ الْعَرْشَ وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ.

وَقَدْ جَعَلَ تعالى الْعَالَمَ طَبَقَاتٍ وَلَمْ يَجْعَلْ أَعْلاَهُ مُفْتَقِرًا إلَى أَسْفَلِهِ، فَالسَّمَاءُ لاَ تَفْتَقِرُ إلَى الْهَوَاءِ، وَالْهَوَاءُ لاَ يَفْتَقِرُ إلَى الأَْرْضِ، فَالْعَلِيُّ الأَْعْلَى رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الَّذِي وَصَفَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [الزمر: 67] أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَأَغْنَى وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يَفْتَقِرَ إلَى شَيْءٍ بِحَمْلٍ أَوْ غَيْرِ حَمْلٍ، بَلْ هُوَ الأَْحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، الَّذِي كُلُّ مَا سِوَاهُ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ.

وَهَذِهِ الأُْمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، قَدْ بُيِّنَ فِيهِ التَّوْحِيدُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ قَوْلاً وَعَمَلاً.

****

الشرح

قوله: «وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ»، مع قربه من عباده هو فوق سماواته على عرشه، «بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ، وَلاَ فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ». معنى بائن: أي منفصل عن خلقه، ليس في ذات الله شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته سبحانه وتعالى، بل هو فوق المخلوقات وفوق السماوات فوق العرش.

قوله: «وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنِ الْعَرْشِ»، فلا يتصور أحد أن معنى قوله: ﴿ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ [الأعراف: 54] أن الله محتاج إلى العرش،


الشرح