قوله: «لَمْ
يَفْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَلَوْ رَأَوْهُ مُسْتَحَبًّا
لَفَعَلُوهُ كَمَا كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ مُتَابَعَتَهُ وَالاِقْتِدَاءَ بِهِ»؛
لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين على الاقتداء بالنبي صلى عليه وسلم
ومتابعته، فلما لم يفعلوا ما فعله ابن عمر رضي الله عنه دلَّ على أن هذا غير
مشروع.
قوله: «وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُتَابَعَةَ أَنْ
يَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَ»؛ ما فعله الرسول
صلى الله عليه وسلم على وجه العادة لا يُعتبر تشريعًا، ولا يُطلب الاقتداء به فيه،
هذا نوع.
النوع الثاني: ما
فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه العبادة، فهذا هو الذي نقتدي به ونحرص
عليه، فإذا نزل منزلاً أو قصد مكانًا للعبادة فيه نقتدي به في ذلك؛ أمَّا إذا نزل
منزلاً لا من باب العبادة، وإنما هو للاستراحة أو للنوم أو ما شابه ذلك، أو جلس
يأكل في مكان، فهذا ليس تشريعًا للأمة، فيجب التفريق بين أفعال الرسول صلى الله
عليه وسلم التي هي من باب العادة، والتي هي من باب العبادة.
قوله: «فَإِذَا فَعَلَ فِعْلاً عَلَى وَجْهِ
الْعِبَادَةِ شَرَعَ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ» لقوله
تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ
لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ﴾ [الأحزاب: 21]،
ومما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من باب الحاجة والعبادة لا من باب العبادة
اختفاؤه في غار ثور، هذا للحاجة وليس للعبادة؛ من أجل أن يختفي عن المشركين، وكذلك
اختفاؤه في غار حراء قبل البعثة، بدليل أنه لم يفعله بعد البعثة، فلم يكن يذهب إلى
غار ثور أو غار حراء بعد البعثة، فدل على أن هذا غير مشروع، وأن فعل النبي صلى
الله عليه وسلم له في وقته إنما هو للحاجة فقط، وكذلك لم يكن صلى الله عليه وسلم
يذهب إلى الذي يسمونه دار المولد، ما ذهب يبحث عن المكان الذي وُلد فيه في مكة،
ويتعبد فيه كما يفعل الخرافيون، وإنما الخرافيون هم الذين أحيوا هذا.
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد