×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 يحَقِّقُ هَذَا الأَْمْرَ أَنَّ التَّوَسُّلَ بِهِ وَالتَّوَجُّهَ بِهِ لَفْظٌ فِيهِ إجْمَالٌ وَاشْتِرَاكٌ بِحَسَبِ الاِصْطِلاَحِ، فَمَعْنَاهُ فِي لُغَةِ الصَّحَابَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ، فَيَكُونُونَ مُتَوَسِّلِينَ وَمُتَوَجِّهِينَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَدُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ مِنْ أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل. وَأَمَّا فِي لُغَةِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَمَعْنَاهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تعالى وَيُقْسِمَ عَلَيْهِ بِذَاتِهِ.

وَاللَّهُ تعالى لاَ يُقْسَمُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، بَلْ لاَ يُقْسَمُ بِهَا بِحَالٍ، فَلاَ يُقَالُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ بِمَلاَئِكَتِك وَلاَ بِكَعْبَتِك وَلاَ بِعِبَادِك الصَّالِحِينَ، كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ الرَّجُلُ بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ، بَلْ إنَّمَا يُقْسِمُ بِاللَّهِ تعالى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَلِهَذَا كَانَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تعالى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ فَيَقُولَ: «أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَك الْحَمْدَ، لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِْكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ» ([1])، «وَأَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الأَْحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» ([2])، «وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ» ([3])، الْحَدِيثُ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِك، وَبِاسْمِك الأَْعْظَمِ وَجَدِّك الأَْعْلَى وَبِكَلِمَاتِك التَّامَّاتِ» ([4])، مَعَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ الثَّالِثَ فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ بِهِ قَوْلاَنِ لِلْعُلَمَاءِ:


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1495)، والترمذي رقم (3544)، والنسائي رقم (1300)، وابن ماجه رقم (3858).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (3857)، وأحمد رقم (23041).

([3])  أخرجه: أحمد رقم (3712).

([4])  أخرجه: الطبراني في الكبير رقم (3).