وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ
حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - وَلَهُ طُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ عَنْ
غَيْرِهِمَا - أَنَّهُ قَالَ: «لاَ تُشَدُّ الرَّحَّالُ إلاَّ إلَى ثَلاَثَةِ
مَسَاجِدَ» ([1]).
****
الشرح
هذا الحديث فيه سد
عن وسائل الشرك؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم منع السفر لزيارة الأمكنة بقصد
العبادة فيها، إلا المساجد الثلاثة: المسجد الحرام - وهو أفضل المساجد على وجه
الأرض - ثم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم المسجد الأقصى. وهذه المساجد بناها
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالصلاة فيها مضاعفة على الصلاة في غيرها، قال صلى
الله عليه وسلم: «فَضْلُ الصَّلاَةِ فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ
صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَمْسُمِائَةِ صَلاَةٍ» ([2])، وما عداها من
المساجد فسواء لا ميزة لبعضها على بعض، فكل المساجد في الأرض سواء ما عدا هذه
الثلاثة، فلا يسافر إلى مسجد معين أو بقعة معينة لأداء الصلاة، أو اعتكاف، أو غير
ذلك من العبادات، لا إلى هذه الثلاثة فقط، وأما السفر لغير العبادة كالسفر
للتجارة، والسفر لزيارة الأقارب، وللسياحة المباحة فلا بأس في ذلك.
أما الذين يقولون:
إن هذا معناه أنه لا يسافر أحد إلا إلى المساجد الثلاثة فهذه مغالطة؛ لأن الرسول
صلى الله عليه وسلم لم يمنع من السفر للمصالح الدنيوية، وإنما منع من السفر من أجل
العبادة في مكان معين ما عدا الثلاثة، أما غيرها من المساجد فكلها سواء لا ميزة
لبعضها على بعض.
وفي هذا سد للوسائل المفضية إلى الشرك؛ لأن تعظيم البقاع والتبرك بها وسيلة إلى الشرك، وكذلك السفر لزيارة القبور وسيلة إلى الشرك؛
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1189)، ومسلم رقم (1397).
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد