وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ
مَرْفُوعٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ
شَرْعِيَّةٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَدِيثِهِ؛ بَلِ الْمَرْوِيُّ فِي
ذَلِكَ إنَّمَا يَعْرِفُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ مِنَ
الْمَوْضُوعَاتِ؛ إمَّا تَعَمُّدًا مِنْ وَاضِعِهِ وَإِمَّا غَلَطًا مِنْهُ.
****
الشرح
قوله: «وَمُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا
مِنَ الْكَذَّابِينَ»، فلا يُقبل ما رواه.
قوله: «لِيُعْرَفَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ الْبَابِ
لاَ لِيُحْتَجَّ بِكُلِّ مَا رُوِيَ»، هذه الفائدة أنهم يجمعون ما ورد في
الباب لا ليُحتج به، وإنما ليُعرف فقط، ثم يجرى عليه النقد، ويُطبق عليه القواعد،
فما ثبت يُحتج به، وما لم يثبت يُترك، وإن كان موجودًا في هذه الكتب. وهذا يدل على
أن الإنسان لا يعتمد على الكتب والمطالعة فقط؛ بل لا بدَّ أن يتلقى العلم عن
العلماء الذين يميزون له الصحيح من الضعيف والمكذوب؛ لأنه يوجد في بعض هذه الكتب -
وإنْ كانت لأئمةٍ كبار - شيء من الوهم، ولم يذكروها ليحتجوا بها، وإنما ذكروها من
أجل أن تُعرف حالها هل هي صحيحة أو لا.
قوله: «وَقَدْ يَتَكَلَّمُ أَحَدُهُمْ عَلَى
الْحَدِيثِ وَيَقُولُ: غَرِيبٌ وَمُنْكَرٌ وَضَعِيفٌ؛ وَقَدْ لاَ يَتَكَلَّمُ»،
أحيانًا يُصرح بدرجة الحديث، وهذا طيب، وأحيانًا يترك هذا للعلماء ينقدونه،
ويطبقون عليه القواعد الحديثية، فذلك لا يصلح للمبتدئ أن يعتمد على الكتب فقط ثم
يخرج على الناس ويقول: قال فلان، أو روى فلان، وهو ليس عنده بصيرة، ولم يأخذ العلم
عن أهله، وإنما أخذه عن كتبٍ.
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد