×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَهَذَا كَالإسْرَائيليَّاتِ: يَجُوزُ أَنْ يُرْوَى مِنْهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ لِلتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فِيهَا عُلِمَ أَنَّ اللَّهَ تعالى أَمَرَ بِهِ فِي شَرْعِنَا وَنَهَى عَنْهُ فِي شَرْعِنَا. فَأَمَّا أَنْ يُثْبِتَ شَرْعًا لَنَا بِمُجَرَّدِ الإسرائيليات الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ، فَهَذَا لاَ يَقُولُهُ عَالِمٌ، وَلاَ كَانَ أَحْمَدُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلاَ أَمْثَالُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الأَْحَادِيثِ فِي الشَّرِيعَةِ. وَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجُّ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلاَ حَسَنٍ، فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ كَانَ فِي عُرْفِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَنْقَسِمُ إلَى نَوْعَيْنِ: صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ. وَالضَّعِيفُ عِنْدَهُمْ يَنْقَسِمُ إلَى: ضَعِيفٍ مَتْرُوكٍ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، وَإِلَى ضَعِيفٍ حَسَنٍ، كَمَا أَنَّ ضَعْفَ الإِْنْسَانِ بِالْمَرَضِ يَنْقَسِمُ إلَى: مَرَضٍ مَخُوفٍ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَى ضَعِيفٍ خَفِيفٍ لاَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ «فَهَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ يُسَمِّيهِ أَحْمَدُ ضَعِيفًا وَيَحْتَجُّ بِهِ».

****

الشرح

قوله: «وَهَذَا كالإسرائيليات: يَجُوزُ أَنْ يُرْوَى مِنْهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ»؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ» ([1])، فيما جاء من الإسرائيليات، ونحن لا ندري عنه هل هو صحيح، أو غير صحيح، ولكن لا نعلم أنه كذب، فهذا مثل الحديث الضعيف عندنا، إذا كان دليل من شرعنا في المسألة وجاء إسرائيلي يؤكده، فلا مانع من ذكره، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَدَّثَكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلاَ تُصَدِّقُوهُمْ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وقولوا: آمنَّا بِالَّذي أُرْسِلَ إِلَيْنَا وَأُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» ([2])، فقد تكذب بشيءٍ صحيح، وقد تصحح شيئًا غير صحيح، فأنت تتوقف في هذا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3461).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3644)، وأحمد رقم (17225).