×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 يُصَحِّحُ الْحَدِيثَ. فَإِنَّ هَؤُلاَءِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ مَا يَنْقُلُونَهُ نِزَاعٌ؛ فَهُمْ أَتْقَنُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْحَاكِمِ، وَلاَ يَبْلُغُ تَصْحِيحُ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلاَءِ مَبْلَغَ تَصْحِيحِ مُسْلِمٍ، وَلاَ يَبْلُغُ تَصْحِيحُ مُسْلِمٍ مَبْلَغَ تَصْحِيحِ الْبُخَارِيِّ؛ بَلْ كِتَابُ الْبُخَارِيِّ أَجَلُّ مَا صُنِّفَ فِي هَذَا الْبَابِ؛ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ أَعْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ بِالْحَدِيثِ وَعِلَلِهِ مَعَ فِقْهِهِ فِيهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا أَعْلَم بِالْعِلَلِ مِنْهُ.

وَلِهَذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْبُخَارِيِّ إذَا رَوَى حَدِيثًا اُخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ أَوْ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنْ يَذْكُرَ الاِخْتِلاَفَ فِي ذَلِكَ؛ لِئَلاَّ يُغْتَرَّ بِذِكْرِهِ لَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالاِخْتِلاَفِ فِيهِ.

 

وَلِهَذَا كَانَ جُمْهُورُ مَا أُنْكِرَ عَلَى الْبُخَارِيِّ مِمَّا صَحَّحَهُ يَكُونُ قَوْلُهُ فِيهِ رَاجِحًا عَلَى قَوْلِ مَنْ نَازَعَهُ؛ بِخِلاَفِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فَإِنَّهُ نُوزِعَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ مِمَّا خَرَّجَهَا، وَكَانَ الصَّوَابُ فِيهَا مَعَ مَنْ نَازَعَهُ.

****

الشرح

قوله: «قُلْت: وَرِوَايَةُ الْحَاكِمِ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ». الحاكم رحمه الله في «مستدركه» أشياء صححها وأنكرت عليه؛ لأنها غير صحيحة، ولهذا يُقال: تصحيح الحاكم يُعادل تحسين الترمذي، فما قال عنه الترمذي: إنه حسن، يقول عنه الحاكم: إنه صحيح.

قول الحاكم رحمه الله: «عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رَوَى عَنْ أَبِيهِ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً، لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ تَأَمَّلَهَا مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ: أَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَلَيْهِ». اعترف رحمه الله أنَّ عبد الرحمن بن زيد أسلم يروي أحاديث موضوعة، ومع هذا يصحح هذا الحديث الذي من روايته.


الشرح