وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ:
بَلْ أَنَا أَسْأَلُهُ أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْهِ بِمُعَظَّمٍ دُونِ مُعَظَّمٍ مِنَ
الْمَخْلُوقَاتِ، إمَّا الأَْنْبِيَاءُ دُونَ غَيْرِهِمْ، أَوْ نَبِيٌّ دُونَ
غَيْرِهِ، كَمَا جَوَّزَ بَعْضُهُمُ الْحَلِفَ بِذَلِكَ أَوْ بِالأَْنْبِيَاءِ
وَالصَّالِحِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ. قِيلَ لَهُ: بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِنْ
كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ فَكُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي أَنَّهُ لاَ يُجْعَلُ
شَيْءٌ مِنْهَا نِدًّا لِلَّهِ تعالى، فَلاَ يُعْبَدُ، وَلاَ يُتَوَكَّلُ
عَلَيْهِ، وَلاَ يُخْشَى، وَلاَ يُتَّقَى، وَلاَ يُصَامُ لَهُ، وَلاَ يُسْجَدُ
لَهُ، وَلاَ يُرْغَبُ إلَيْهِ، وَلاَ يُقْسَمُ بِمَخْلُوقٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي
الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ
حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1])، وَقَالَ: «لاَ
تَحْلِفُوا إلاَّ بِاللَّهِ» ([2])، وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ
أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» ([3]).
فَقَدْ ثَبَتَ
بِالنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، لاَ فَرْقَ فِي
ذَلِكَ بَيْنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ،
وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ نَبِيٍّ وَنَبِيٍّ.
وَهَذَا كَمَا
قَدْ سَوَّى اللَّهُ تعالى بَيْنَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي ذَمِّ الشِّرْكِ
بِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَظَّمَةً، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ
لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ
يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ
رَبَّٰنِيِّۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ
تَدۡرُسُونَ﴾ [آل عمران: 79].
****
الشرح
قوله: «وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: بَلْ أَنَا أَسْأَلُهُ أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْهِ بِمُعَظَّمِ دُونِ مُعَظَّمٍ». هذا القسم الثاني، الأول: إنه يقسم بكل ما أقسم الله به،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2679)، ومسلم رقم (1646).
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد