بِخِلاَفِ الرِّسَالَةِ؛
فَإِنَّ الرَّسُولَ وَحْدَهُ كَانَ وَاسِطَةً فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ إلَى
عِبَادِهِ. وَأَمَّا جَعْلُ الْهُدَى فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَهُوَ إلَى اللَّهِ
تعالى، لاَ إلَى الرَّسُولِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿إِنَّكَ
لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ
أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56]، وقال تعالى: ﴿إِن
تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ﴾ [النحل: 37].
****
الشرح
قوله: «فَإِنَّ الرَّسُولَ وَحْدَهُ كَانَ وَاسِطَةً
فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ إلَى عِبَادِهِ»؛ لأن الله أرسله وأذنَ له في ذلك،
فهو واسطة بين الله وعباده.
قوله: «وَأَمَّا جَعْلُ الْهُدَى فِي قُلُوبِ
الْعِبَادِ فَهُوَ إلَى اللَّهِ تعالى، لاَ إلَى الرَّسُولِ»، الرسول مبلِّغ
عن الله، ويهدي إلى الصراط المستقيم؛ بمعنى: يدل الخلق على الحقِّ؛ وأمَّا هداية
القلوب فهي إلى الله، فالهداية نوعان:
النوع الأول: هداية
الدلالة والإرشاد: وهذه يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويملكها أيضًا العلماء؛ يبينون
ويرشدون، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ
لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [الشورى: 52] أي: هداية
الدلالة والإرشاد والبيان، وكذلك ورثة الرسل يهدون: ﴿وَجَعَلۡنَا
مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بَِٔايَٰتِنَا
يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24].
النوع الثاني: هداية
القلوب: فهذه لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى، لا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا
غيره يستطيع أن يهدي قلوب الناس، قال تعالى: ﴿إِنَّكَ
لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ
أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56]، وقال تعالى: ﴿أَفَأَنتَ
تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾ [يونس: 99]، هذا
بيد الله سبحانه وتعالى،
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد