×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 بِخِلاَفِ الرِّسَالَةِ؛ فَإِنَّ الرَّسُولَ وَحْدَهُ كَانَ وَاسِطَةً فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ إلَى عِبَادِهِ. وَأَمَّا جَعْلُ الْهُدَى فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَهُوَ إلَى اللَّهِ تعالى، لاَ إلَى الرَّسُولِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ [القصص: 56]، وقال تعالى: ﴿إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ [النحل: 37].

****

الشرح

قوله: «فَإِنَّ الرَّسُولَ وَحْدَهُ كَانَ وَاسِطَةً فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ إلَى عِبَادِهِ»؛ لأن الله أرسله وأذنَ له في ذلك، فهو واسطة بين الله وعباده.

قوله: «وَأَمَّا جَعْلُ الْهُدَى فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَهُوَ إلَى اللَّهِ تعالى، لاَ إلَى الرَّسُولِ»، الرسول مبلِّغ عن الله، ويهدي إلى الصراط المستقيم؛ بمعنى: يدل الخلق على الحقِّ؛ وأمَّا هداية القلوب فهي إلى الله، فالهداية نوعان:

النوع الأول: هداية الدلالة والإرشاد: وهذه يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويملكها أيضًا العلماء؛ يبينون ويرشدون، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [الشورى: 52] أي: هداية الدلالة والإرشاد والبيان، وكذلك ورثة الرسل يهدون: ﴿وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة: 24].

النوع الثاني: هداية القلوب: فهذه لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى، لا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره يستطيع أن يهدي قلوب الناس، قال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ [القصص: 56]، وقال تعالى: ﴿أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ [يونس: 99]، هذا بيد الله سبحانه وتعالى،


الشرح