×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»؛ فَيُسْقَوْنَ ([1]).

وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رُبَّمَا ذَكَرْت قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ:

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
 

ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَْرَامِلِ ([2])
  

وَالتَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الاِسْتِسْقَاءِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الاِسْتِشْفَاعِ بِهِ، وَهُوَ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ وَيَطْلُبَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَ دُعَاءَهُ وَشَفَاعَتَهُ، وَنَحْنُ نُقَدِّمُهُ بَيْنَ أَيْدِينَا شَافِعًا وَسَائِلاً لَنَا بِأَبِي وَأُمِّي صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه لَمَّا أَجْدَبَ النَّاسُ بِالشَّامِ اسْتَسْقَى بيزيد بْنِ الأَْسْوَدِ الجرشي فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَشْفِعُ وَنَتَوَسَّلُ بِخِيَارِنَا. يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْك فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا النَّاسَ حَتَّى سُقُوا. وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: يسْتَحبُّ أَنْ يُسْتَسْقَى بِأَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلاَحِ، وَإِذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ أَحْسَنُ.

وَهَذَا الاِسْتِشْفَاعُ وَالتَّوَسُّلُ حَقِيقَتُهُ التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ الْمُسْتَشْفِعِ بِهِ وَالنَّاسُ يَدْعُونَ مَعَهُ.

****

الشرح

قوله: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» أي: بدعائه؛ لأنه قال: «قُمْ يَا عَبَّاس فَادْعُ»؛ فبين أن المراد بالتوسل هنا: التوسل بدعائه رضي الله عنه.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1010).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1009).