وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ
عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، لَيْسَ فِيهِ خِلاَفٌ لاَ بَيْنَ الأَْئِمَّةِ
الأَْرْبَعَةِ وَلاَ غَيْرِهِمْ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلاَمُ عَلَى هَذِهِ
الأُْمُورِ فِي مُجَلَّدَاتٍ مِنْ جُمْلَتِهَا مُصَنَّفٌ ذَكَرْنَا فِيهِ
قَوَاعِدَ تَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْحُكَّامِ، وَمَا يَجُوزُ لَهُمُ الْحُكْمُ
فِيهِ وَمَا لاَ يَجُوزُ. وَهُوَ مُؤَلَّفٌ مُفْرَدٌ يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ
هَذَا الْبَابِ لاَ يَحْسُنُ إيرَادُ شَيْءٍ مِنْ فُصُولِهِ هَاهُنَا؛ لِإِفْرَادِ
الْكَلاَمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى قَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ
وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، وَسَيَأْتِي إيرَادُ مَا اُخْتُصِرَ مِنْهُ وَحُرِّرَتْ
فُصُولُهُ فِي ضِمْنِ أَوْرَاقٍ مُفْرَدَةٍ يَقِفُ عَلَيْهَا الْمُتَأَمِّلُ
لِمَزِيدِ الْفَائِدَةِ، وَمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الأَْمْرِ
الْمُهِمِّ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَكُنْت وَأَنَا
بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي سَنَةِ إحْدَى عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ قَد
اُسْتُفْتِيت عَنِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَتَبْتُ فِي
ذَلِكَ جَوَابًا مَبْسُوطًا، وَقَدْ أَحْبَبْت إيرَادَهُ هُنَا لِمَا فِي ذَلِكَ
مِنْ مَزِيدِ الْفَائِدَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ - الْمُتَعَلِّقَةَ
بِتَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ وَحَسْمِ مَادَّةِ الشِّرْكِ وَالْغُلُوِّ - كُلَّمَا
تَنَوَّعَ بَيَانُهَا وَوَضَحَتْ عِبَارَاتُهَا كَانَ ذَلِكَ نُورًا عَلَى نُورٍ،
وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
****
الشرح
قوله: «وَقَدْ بُسِطَ الْكَلاَمُ عَلَى هَذِهِ
الأُْمُورِ فِي مُجَلَّدَاتٍ مِنْ جُمْلَتِهَا مُصَنَّفٌ ذَكَرْنَا فِيهِ
قَوَاعِدَ تَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْحُكَّامِ، وَمَا يَجُوزُ لَهُمُ الْحُكْمُ
فِيهِ وَمَا لاَ يَجُوزُ». هذا - والله أعلم - كتاب «السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية»؛ لأنه استفاض فيه.
قوله: «وَسَيَأْتِي إيرَادُ مَا اُخْتُصِرَ
مِنْهُ...» أي: الحكم بما أنزل الله.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد