×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَكَذَلِكَ الاِسْتِعَاذَةُ بِالْمَخْلُوقَاتِ، بَلْ إنَّمَا يُسْتَعَاذُ بِالْخَالِقِ تعالى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَلِهَذَا احْتَجَّ السَّلَفُ - كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - عَلَى أَنَّ كَلاَمَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ» ([1])، قَالُوا: فَقَدِ اسْتَعَاذَ بِهَا وَلاَ يُسْتَعَاذُ بِمَخْلُوقٍ.

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا» ([2])، فَنَهَى عَنِ الرُّقَى الَّتِي فِيهَا شِرْكٌ كَالَّتِي فِيهَا اسْتِعَاذَةٌ بِالْجِنِّ، كَمَا قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا [الجن: 6].

****

الشرح

قوله: «وَكَذَلِكَ الاِسْتِعَاذَةُ بِالْمَخْلُوقَاتِ». الاستعاذة معناها: اللجوء أو اللجأ لمن سيحميك من أذى المخلوقين؛ من أذى الشياطين والجن وبني آدم، فلا يجوز الاستعاذة إلا بالله سبحانه وتعالى، وهو نوع من أنواع العبادة، فمن استعاذ بمخلوق فقد أشرك بالله عز وجل، فلا تستعذ إلا بالله، ومن استعاذ بغير الله فقد أشرك، وقد كانوا في الجاهلية إذا نزلوا في مكان يقول أحدهم: أعوذ بسيد هذا الوادي - أي: من الجن - من شر سفهاء قومه، فأبدل النبي صلى الله عليه وسلم هذه التعويذة الشركية بتعويذة التوحيد، قال: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ»»، فكلمات الله من صفاته، والاستعاذة بالله أو بصفاته مشروعة.

قوله: «بَلْ إنَّمَا يُسْتَعَاذُ بِالْخَالِقِ تعالى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ»، هو الذي يجير، ولا يجار عليه سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2708).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2200).