×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَكَذَلِكَ بَعْضُ الاِتِّحَادِيَّةِ ذَكَرَ أَنَّهُ اسْتَشْفَعَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكِلاَهُمَا خَطَأٌ وَضَلاَلٌ؛ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ الْمَسْئُولُ الْمَدْعُوُّ الَّذِي يَسْأَلُهُ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ؛ وَلَكِنْ هُوَ تَبَارَكَ وَتعالى يَأْمُرُ عِبَادَهُ فَيُطِيعُونَهُ، وَكُلُّ مَنْ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِنَّمَا وَجَبَتْ لأَِنَّ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ تعالى، فَالرُّسُلُ يُبَلِّغُونَ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ؛ فَمَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ بَايَعَهُمْ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ؛ قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ [النساء: 64]، وقال تعالى: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ [النساء: 80].

****

الشرح

الاتحادية: أهل وحدة الوجود؛ لأن عندهم الكون كله سواء، ما في فرق، ليس هناك خالق ومخلوق، فيسوون الله بخلقه، ويجعلونه فردًا من الكون والخلق - تعالى الله عما يقولون - فلا يعظمون الله جل وعلا، ولا يقدرونه حق قدره، بل يجعلونه كسائر الكائنات فرد من أفرادها ومساو لها، هذا معنى الاتحاد أنه لا فرق بين الله والخلق، بل الكون كله هو الله، تعالى الله عمَّا يقولون.

قوله: «بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ الْمَسْئُولُ الْمَدْعُوُّ الَّذِي يَسْأَلُهُ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ». الله سبحانه وتعالى هو المسئول وحده، قال تعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ [الرحمن: 29] فجميع من في السماوات والأرض كلهم يسألون الله، ويفتقرون إلى الله، وأما الله جل وعلا فغنيٌّ عن خلقه لا يحتاج إليهم.

قوله: «وَكُلُّ مَنْ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِنَّمَا وَجَبَتْ لأَِنَّ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ تعالى». الله تبارك وتعالى هو المسئول وحده، والمخلوق إنما هو سبب من الأسباب فقط، لا يجلب نفعًا ولا يدفع ضرًّا إلا الله سبحانه وتعالى، هذا هو التوحيد أن


الشرح