×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 تعتقد أن الله جل وعلا هو المتصرف وحده، وهو المسئول الذي يملك حوائج عباده، وأما المخلوق فإنما هو سبب قد يقدره الله على الشيء، وقد لا يقدره عليه، فهو راجع إلى الله سبحانه وتعالى، هذا هو الذي يجب أن يفهم، وأن يتوجه إلى الله جل وعلا، ولا يتوجه إلى غيره من المخلوقين بما لا يقدرون عليه ولا يملكونه.

فكل من وجبت طاعته من المخلوقين لا يطاع لذاته، وإنما يطاع إذا أطاع الله، قال الله جل وعلا: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ [النساء: 80]؛ لأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة للمرسل وهو الله سبحانه وتعالى، وكل من أمر بطاعة الله وجبت طاعته امتثالاً لطاعة الله، ومن أمر بمعصية الله فلا طاعة له؛ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وطاعة المخلوق استقلالاً هذا منكر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» ([1]). فطاعة غير الله في معصية الله منكرة، أما الطاعة المطلقة فهي لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مبلغ عن الله سبحانه وتعالى: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ، وكذلك سائر الناس من أمر بطاعة الله يطاع، ومن أمر بمعصية الله لا يطاع، ولهذا قال العلماء في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ [النساء: 59]، كرر الطاعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ، فالرسول يطاع استقلالاً؛ لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله، أما أولو الأمر فلم يذكر فيهم: وأطيعوا أولي الأمر؛ وإنما قال: ﴿وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ، فطاعتهم مقيدة بطاعة الله ورسوله، لا يطاعون طاعة مطلقة، وإنما يطاعون فيما يوافق طاعة الله ورسوله، فطاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله، فإن أمروا بطاعة الله ورسوله أطيعوا، وإن أُمروا بغير طاعة الله وطاعة رسوله فلا يطاعون.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7257)، ومسلم رقم (1840).