×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

قوله: «لَكِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ جَوَّزُوا أَنْ يُرْوَى فِي فَضَائِلِ الأَْعْمَال مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ ثَابِتٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ»، إذا لم يُعلم أنه كذب فيروى في باب الترغيب والترهيب والوعظ، وما أشبه ذلك؛ أمَّا إذا عُلم أنه كذب فلا يجوز روايته.

قوله: «وَذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَرُوِيَ فِي فَضْلِهِ حَدِيثٌ لاَ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبٌ، جَازَ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ». إذا كان الأصل ثابتًا بحديثٍ صحيحٍ، ثم جاء حديث ضعيف يؤكد ما دلَّ عليه الحديث الصحيح، فلا مانع من الاستئناس به.

قوله: «وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الأَْئِمَّةِ إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الشَّيْءُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ». لا يُحكم بالوجوب، أو الاستحباب، أو التحريم، أو الكراهة، إلا بحديثٍ صحيحٍ، أما مجرد الترغيب والترهيب فالأمر فيه سهل بشرط أن يكون الأصل ثابتًا في حديث صحيح، وهذا الضعيف يوافق الصحيح، أما إذا خالف الضعيف الصحيح، فلا يُحتج به، ولا يُعمل به، ويُعمل بالصحيح.

قوله: «وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ خَالَفَ الإِْجْمَاعَ»، هذه القاعدة: أنَّه لا يجوز أن يُبنى الحكم من تحليلٍ أو تحريمٍ أو اعتقاد على حديث ضعيف، أما أنه يُعمل به، أو يُذكر في الوعظ، والتذكير، وفضائل الأعمال، فهذا أمر واسع، ما لم يُعلم أنه موضوع.

قوله: «وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُحَرَّمَ شَيْءٌ إلاَّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، لَكِنْ إذَا عُلِمَ تَحْرِيمُهُ وَرُوِيَ حَدِيثٌ فِي وَعِيدِ الْفَاعِلِ لَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ، جَازَ أَنْ يَرْوِيَهُ». إذا علم تحريمه بدليلٍ صحيحٍ، ثم وجد حديثًا يحذر من هذا الشيء الذي حرم بحديث صحيح، فهذا يزيد زيادة التأكد، فلا بأس بذكره.


الشرح