وإن لم يستجب له؛ لأنه بذل ما يستطيع. أما الشفاعة في الحدود، وفي معصية الله، فلا تجوز، ولا يجوز للمشفوع عنده أن يقبل، لعن الله الشافع والمشفع في الحدود إذا بلغت السلطان ([1])، فحقوق المخلوقين إذا لم يسمحوا بها لا يجوز أن يشفع عند الحاكم ليسقطها، لا تجوز الشفاعة في الحكم الشرعي، إنما تشفع عند صاحب الحق أن يتنازل عن حقه، فهذا لا بأس به، وهذه شفاعة حسنة؛ أمَّا أن تشفع عند القاضي ألاَّ يحكم لفلان بحقه، فهذه شفاعة باطلة لا تجوز.
قوله: «وَأَمَّا الشَّافِعُ فَسَائِلٌ لاَ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الشَّفَاعَةِ» أي: الشافع سأل المشفوع عنده، والسائل لا يجب طاعته، بل المشفوع عنده إن شاء قبل، وإن لم يشاء لم يقبل، فليست شفاعته ملزمة؛ فلما كانت بريرة رضي الله عنها مملوكة هي وزوجها، فكاتبت بريرة - أي: اشترت نفسها بمال - فأدت المال فأعتقت، وبقي زوجها رقيقًا، فانتفت المكافأة بينهما، فهي حرة، وهو رقيق، وإذا انتفت المكافأة بين الزوج والزوجة يكون للزوجة خيار؛ إما أن تبقى معه أو تفارقه، هذا حق لها، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها قد تأثر بفراقها، أراد أن يرحمه، فشفع له عند بريرة أن تبقى معه رحمة به، فقالت بريرة: هل هذا أمر أو شفاعة؟ قال: «بَلْ أَنْا أَشْفَعَ»، قالت: لا حاجة لي فيه. فلم يلزمها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يأمرها بذلك، وإنما كان ذلك منه شفاعة ووساطة فقط، فدل على أن الشافع لا يجب طاعته وقبول شفاعته، فإن شاء المشفوع عنده قبلها، وإن شاء لم يقبلها.
([1]) أخرجه: مالك في الموطأ رقم (29)، والطبراني في الأوسط رقم (2284).
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد