بعد الموت فالإنسان غير
مكلف، فلا يكلف الميت أن يجيب السائل؛ لأن التكليف إنما هو في الدنيا، أمَّا
الآخرة وبعد الموت فلا تكليف.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن
يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ
كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾. هذه الآيات رد على
نصارى نجران لما وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم ليتفاوضوا معه، فأمرهم النبي
صلى الله عليه وسلم بالتوحيد وإفراد الله بالعبادة، ونهاهم عن عبادة المسيح، فعند
ذلك قالوا: أتريد أن نترك المسيح ونعبدك أنت، فأنزل الله هذه الآية: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن
يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ﴾ - وهو القرآن، أو التوراة، أو الإنجيل - ﴿وَٱلۡحُكۡمَ﴾ بين الناس، ﴿وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ
يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ ([1])، لا يليق به هذا؛
لأن هذا يخالف نبوته، ويخالف الكتاب الذي أنزل عليه، ويخالف الحكم الذي أمر به،
فكيف يتصور هذا من نبي من الأنبياء؟ ﴿وَلَٰكِن
كُونُواْ رَبَّٰنِيِّۧنَ﴾ هذا استئناف، ولكن يقول لهم النبيُّ: كونوا ربانيين،
ولا يقول لهم: كونوا عبادًا لي من دون الله، والرباني هو العالم العامل بعلمه، فقوله:
﴿وَلَٰكِن كُونُواْ
رَبَّٰنِيِّۧنَ﴾ أي: علماء عاملين بعلمكم، ﴿بِمَا
كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ﴾ أو: تعلمون ﴿ٱلۡكِتَٰبَ
وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ﴾ أو: تدرّسون.
الشاهد من الآية: أن الأنبياء لا يأمرون بعبادتهم، وإنما يأمرون بعبادة الله سبحانه وتعالى، ولا يليق بهم ذلك، ولا يليق بعالم من العلماء أن يفعل ذلك، وإنما يأمر الناس بعبادة الله وحده لا شريك له، ﴿وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّٰنِيِّۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ﴾ [آل عمران: 79]، أي: بسبب ما كنتم تعلمون - أو تعلمون - الكتاب، فالعالم يجب عليه أن يعمل بعلمه،
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد