×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَلاَ نِزَاعَ بَيْنَ جَمَاهِيرِ الأُْمَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْفَعَ لأَِهْلِ الطَّاعَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلثَّوَابِ.

وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَنْكَرُوا شَفَاعَتَهُ لأَِهْلِ الْكَبَائِرِ فَقَالُوا: لاَ يَشْفَعُ لأَِهْلِ الْكَبَائِرِ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ عِنْدَهُمْ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ وَلاَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلُوهَا لاَ بِشَفَاعَةِ وَلاَ غَيْرِهَا، وَمَذْهَبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَأَنَّهُ لاَ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الإِْيمَانِ أَحَدٌ؛ بَلْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ، أَوْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ ([1]).

لَكِنَّ هَذَا الاِسْتِسْقَاءَ وَالاِسْتِشْفَاعَ وَالتَّوَسُّلَ بِهِ وَبِغَيْرِهِ كَانَ يَكُونُ فِي حَيَاتِهِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الدُّعَاءَ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَكَانَ تَوَسُّلُهُمْ بِدُعَائِهِ وَالاِسْتِشْفَاعُ بِهِ طَلَبَ شَفَاعَتِهِ، وَالشَّفَاعَةُ دُعَاءٌ.

****

الشرح

قوله: «وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَنْكَرُوا شَفَاعَتَهُ لأَِهْلِ الْكَبَائِر»؛ لأن مذهبهم أن أهل الكبائر كفار، والكافر لا تقبل فيه الشفاعة، وأن مَن دخل النار لا يخرج منها.

قوله: «وَلاَ يُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلُوهَا لاَ بِشَفَاعَةِ وَلاَ غَيْرِهَا»، بناء على أنهم كفار لا تقبل فيهم الشفاعة، وهذا من آثار مذهبهم الباطل أنهم أنكروا الشفاعة؛ لأنها تتعارض مع مذهبهم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7515)، ومسلم رقم (193).